ثم إنه تعالى خوف كفار مكة ، وذكر فضل عاد بالقوة والجسم عليهم فقال : { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } قال المبرد ما في قوله { فيما } بمنزلة الذي . و{ إن } بمنزلة ما والتقدير : ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه ، والمعنى أنهم كانوا أشد منكم قوة وأكثر منكم أموالا ، وقال ابن قتيبة كلمة إن زائدة . والتقدير ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ، وهذا غلط لوجوه ( الأول ) أن الحكم بأن حرفا من كتاب الله عبث لا يقول به عاقل ( والثاني ) أن المقصود من هذا الكلام أنهم كانوا أقوى منكم قوة ، ثم إنهم مع زيادة القوة ما نجوا من عقاب الله فكيف يكون حالكم ، وهذا المقصود إنما يتم لو دلت الآية على أنهم كانوا أقوى قوة من قوم مكة ، ( الثالث ) أن سائر الآيات تفيد هذا المعنى ، قال تعالى : { هم أحسن أثاثا ورئيا } وقال : { كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض } .
قوله تعالى : { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة } والمعنى أنا فتحنا عليهم أبواب النعم وأعطيناهم سمعا فما استعملوه في سماع الدلائل ، وأعطيناهم أبصارا فما استعملوها في تأمل العبر ، وأعطيناهم أفئدة فما استعملوها في طلب معرفة الله تعالى ، بل صرفوا كل هذه القوى إلى طلب الدنيا ولذاتها ، فلا جرم ما أغنى سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من عذاب الله شيئا .
ثم بين تعالى أنه إنما لم يغن عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم لأجل أنهم كانوا يجحدون بآيات الله ، وقوله { إذ كانوا يجحدون } بمنزلة التعليل ، ولفظ إذ قد يذكر لإفادة التعليل تقول : ضربته إذ أساء ، والمعنى ضربته لأنه أساء ، وفي هذه الآية تخويف لأهل مكة فإن قوم عاد لما اغتروا بدنياهم وأعرضوا عن قبول الدليل والحجة نزل بهم عذاب الله ، ولم تغن عنهم قوتهم ولا كثرتهم ، فأهل مكة مع عجزهم وضعفهم أولى بأن يحذروا من عذاب الله تعالى ويخافوا .
قوله تعالى : { وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون } يعني أنهم كانوا يطلبون نزول العذاب وإنما كانوا يطلبونه على سبيل الاستهزاء ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.