المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

33- قل يا محمد : إنما حرم ربى الأمور المتزايدة في القبح كالزنا ، سواء منها ما يرتكب سراً وما يرتكب علانية ، والمعصية أياً كان نوعها ، والظلم الذي ليس له وجه من الحق ، وحرَّم أن تشركوا به دون حُجة صحيحة ، أو دليل قاطع ، وأن تفتروا عليه سبحانه بالكذب في التحليل والتحريم وغيرهما .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

قوله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } ، يعني : الطواف عراة ، { ما ظهر } طواف الرجال بالنهار ، { وما بطن } طواف النساء بالليل ، وقيل : هو الزنا سراً وعلانيةً .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قلت أنت سمعت هذا من عبد الله ؟ قال : نعم رفعه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا أحد أغير من الله ، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه . ) قوله تعالى : { والإثم } يعني : الذنب والمعصية . وقال الضحاك : الذنب الذي لا حد فيه ، قال الحسن : الإثم الخمر .

قال الشاعر :

شربت الإثم حتى ضل عقلي *** كذاك الإثم تذهب بالعقول

قوله تعالى : { والبغي } ، الظلم الكبير .

قوله تعالى : { بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً } ، حجةً وبرهاناً .

قوله تعالى : { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ، في تحريم الحرث والأنعام ، في قول مقاتل . وقال غيره : هو عام في تحريم القول في الدين من غير يقين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ إِنّمَا حَرّمَ رَبّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يتجرّدون من ثيابهم للطواف بالبيت ، ويحرمون أكل طيبات ما أحلّ الله لهم من رزقه أيها القوم : إن الله لم يحرّم ما تحرّمونه ، بل أجلّ ذلك لعباده المؤمنين وطبّبه لهم . وإنما حرّم ربي القبائح من الأشياء ، وهي الفواحش ، ما ظهر منها فكان علانية ، وما بطن منها فكان سرّا في خفاء . وقد رُوي عن مجاهد في ذلك ما :

حدثني الحرث ، قال : ثني عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا يقول في قوله : ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ قال : ما ظهر منها طواف أهل الجاهلية عراة ، وما بطن : الزنا .

وقد ذكرت اختلاف أهل التأويل في تأويل ذلك بالروايات فيما مضى فكرهت إعادته .

وأما الإثم : فإنه المعصية . والبغي : الاستطالة على الناس . يقول تعالى ذكره : إنما حرّم ربي الفواحش مع الإثم والبغي على الناس .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَالإثمَ والَبغْيَ أما الإثم : فالمعصية ، والبغي : أن يبغي على الناس بغير الحقّ .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا في قوله : ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ والإثمَ والبَغْيَ قال : نهى عن الإثم وهي المعاصي كلها ، وأخبر أن الباغي بغيه كائن على نفسه .

القول في تأويل قوله تعالى : وأنْ تُشْرِكُوا باللّهِ ما لَمْ يُنزّلّ بِهِ سُلْطانا وأنْ تَقُولُوا على اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ .

يقول جل ثناؤه : إنما حرم ربي الفواحش والشرك به أن تعبدوا مَعَ الله إلها غيرَهُ ، ما لَمْ ينزّلْ بِهِ سُلْطانا يقول : حرّم ربكم عليكم أن تجعلوا معه في عبادته شركا لشيء لم يجعل لكم في إشراككم إياه في عبادته حجة ولا برهانا ، وهو السلطان . وأنْ تَقُولُوا على اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ يقول : وأن تقولوا : إن الله أمركم بالتعرّي والتجرّد للطواف بالبيت ، وحرّم عليكم أكل هذه الأنعام التي حرّمتموها وسيّبتموها وجعلتموها وصائل وحوامي ، وغير ذلك مما لا تعلمون أن الله حرّمه أو أمر به أو أباحه ، فتضيفوا إلى الله تحريمه وحظره والأمر به ، فإن ذلك هو الذي حرّمه الله عليكم دون ما تزعمون أن الله حرّمه أو تقولون إن الله أمركم به جهلاً منكم بحقيقة ما تقولون وتضيفونه إلى الله .