المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

8- ألم تر - أيها الرسول - هؤلاء الذين نُهوا عن المسارة فيما بينهم بما يثير الشك في نفوس المؤمنين ، ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه ، ويتسارون فيما بينهم بالذنب يقترفونه ، والعدوان يعتزمونه ، ومعصيتهم لرسول الله ، وإذا جاءوك حيوك بقول محرف لم يحيِّك به الله ، ويقولون في أنفسهم : هلا يعذبنا الله بما نقول إن كان رسولا حقاً ؟ حسبهم جهنم يدخلونها ويحترقون بنارها ، فبئس المآل مآلهم{[222]} .


[222]:كان بين المسلمين واليهود بالمدينة مهادنة، وكانوا إذا مر الرجل من المسلمين بهم يتسارون فيما بينهم حتى يظن أنهم يتآمرون على قتله، أو على ما يكره فيعدل عن المرور بهم، فنهاهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك فلم ينتهوا، وعادوا إلى ما نهوا عنه وكانوا إذا جاءوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيوه بالدعاء عليه في صورة التحية له، فنزلت هذه الآية.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } نزلت في اليهود والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم ، يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم ، فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا وقد بلغهم عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو هزيمة ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله : { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } أي المناجاة ، { ثم يعودون لما نهوا عنه } أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها ، { ويتناجون } قرأ الأعمش وحمزة : وينتجون ، على وزن يفتعلون ، وقرأ الآخرون يتناجون ، لقوله : { إذا تناجيتم فلا تتناجوا }( المجادلة :10 ) { بالإثم والعدوان ومعصية الرسول } ، وذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان نهاهم عن النجوى فعصوه ، { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله } ، وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم ، { ويقولون } السام عليك . والسام : الموت ، وهم يوهمونه أنهم يقولون : السلام عليك ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم فيقول : عليكم ، فإذا خرجوا قالوا : { في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } يريدون : لو كان نبياً حقاً لعذبنا الله بما نقول ، قال الله عز وجل :{ حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أبو أيوب عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة : ( أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : السام عليك ، قال : وعليكم ، فقالت عائشة : السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش ، قالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال : أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في ) .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

ثم عجَّب الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - من حال قوم يؤثرون الغي على الرشد ، ويُنصحون فلا يستجيبون للنصيحة ، ويُنهون عن الشرور فيأبون إلا الإنغماس فيها ، فقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نُهُواْ عَنِ النجوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول } .

قال الآلوسى : قال ابن عباس : نزلت فى اليهود والمنافقين ، كانوا يتناجون دون المؤمنين ، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم ، يوهمونهم عند أقاربه أنهم أصابهم شر ، فلما كثر ذلك منهم شكا المؤمنون إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنهاهم عن التناجي دون المؤمنين ، فعادوا لمثل فعلهم .

والخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - والهمزة للتعجب من حالهم ، وصيغة المضارع للدلالة على تكرار فعلهم ، وتجدده ، واستحضار صورته الغريبة .

والمعنى : إن شئت أن تعجب - أيها الرسول الكريم - فاعجب من حال هؤلاء اليهود والمنافقين الذين نهيتهم أنت عن التناجي فيما بينهم ، بما يقلق المؤمنين ويغيظهم . . ولكنهم لم يستجيبوا لنصحك ونهيك ، بل استمروا على تناجيهم بما هو إثم وعدوان ومعصية لك ، ولما جئتهم به من عند الله تعالى .

وعبر بقوله تعالى : { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } للإشعار بأنهم قوم لا تؤثر فيهم النصائح وإنما هم يستمعون إليها ، ثم يهجرون العمل بها ، ويعودون إلى فجورهم وفسقهم .

ووصف تناجيهم بأنه كان مشتملا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول ، لا على الإثم فقط أو على العدوان فقط . . . لبيان أن تناجيهم مشتمل على كل أنواع السوء والفحشاء ، فهم يتناجون بكلام هو إثم وشر فى ذاته ، وبأقوال مشتملة على ظلم المؤمنين والاعتداء على دينهم وعلى أعراضهم ، وبأفعال هى معصية للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، لأنهم لم يستجيبوا لنهيه إياهم عن المناجاة بما يؤذي المؤمنين ويحزنهم . . . بل استمروا فى طغيانهم يعمهون .

والباء فى قوله : { بالإثم } للملابسة ، أى يتناجون متلبسين بالإثم وبالعدوان وبمعصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم من اليهود ، لم يكتفوا بتلك المناجاة القبيحة التى كانوا يديرونها فيما بينهم ، لإغاظة المؤمنين ، بل أضافوا إلى ذلك النطق أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالكلام السيىء وبالعبارات التى تدل على سوء طويتهم ، فقال - تعالى - : { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله } .

أى : وإذا جاء هؤلاء المنافقين واليهود إلى مجلسك - أيها الرسول الكريم - ألقوا إليك بتحية ، هذه التحية لم يأذن بها الله - تعالى - ولم يخاطبك بها .

وقد كان المافقون عندما يدخلون على الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقولون له كلمة : " السلام عليكم " وهى تحية الإسلام ، إنما يقولون له : أنعم صباحا أو مساء . . . متجنبين النطق بتحية الإسلام ، ومستعملين تحية الجاهلية .

روى الشيخان عن عائشة : " أن ناسا من اليهود ، دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : السام أى : الموت عليك يا أبا القاسم ، فقال -صلى الله عليه وسلم- " وعليكم " .

قالت عائشة : وقلت : عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم . فقال - صلى الله عليه وسلم - يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش والمتفحش ، فقلت : ألا تسمعهم يقولون : السام ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - " أو ما سمعت قولي : " عليكم " فأنزل الله - تعالى - { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله } " .

ثم بين - سبحانه - رذيلة أخرى من رذائلهم المتعددة فقال : { وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ } ، والمراد بأنفسهم هنا : أى فيما بينهم وفى مجامعهم ، أو فيما يبنهم وبين أنفسهم ، أي : إذا جاءك هؤلاء المنافقون ومن على شاكلتهم فى الضلال ، نطقوا أمامك بتحية لم يحيك بها الله - تعالى - ولا يكتفون بذلك ، بل يقولون فيما بينهم على سبيل التباهي والجحود للحق { لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ } أي : هلا يعذبنا الله بسبب ما قلناه لو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا من عنده - تعالى - أي : أنهم ينكرون نبوته - صلى الله عليه وسلم - لأنها - فى زعمهم لو كانت حقا ، لعذبهم الله - تعالى - بسبب إساءتهم إليه ، وإعراضهم عن نهيه لهم .

وقد رد الله - تعالى - عليهم بما يكبتهم ، وبما يسلي نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المصير } .

أي : لا تحزن - أيها الرسول الكريم - لمسالك هؤلاء المنافقين معك ومع أصحابك ، فإن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم ، كافيهم من العذاب جهنم يصلونها وياقسون حرها ، فبئس المصير جهنم لو كانوا يعلمون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

قال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد [ في قوله ]{[28393]}{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى } قال : اليهود وكذا قال مقاتل بن حيان ، وزاد : كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة ، وكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم ، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله - أو : بما يكره المؤمن - فإذا رأى المؤمن ذلك خَشيهم ، فترك طريقه عليهم ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فأنزل الله :{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ } .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة ، عن كثير عن زيد ، عن رُبَيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نبيت عنده ؛ يطرُقه من الليل أمر{[28394]} وتبدو له حاجة ، فلما كانت ذات ليلة كَثُر أهل النّوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما هذا النجوى ؟ ألم تُنْهَوا عن النجوى ؟ ) ، قلنا : تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيح ، فَرقا منه ، فقال : ( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ ) ، قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : ( الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل ) هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء{[28395]} .

وقوله :{ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ } أي : يتحدثون فيما بينهم بالإثم ، وهو ما يختص بهم ، والعدوان ، وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته ، يُصِرون عليها ويتواصون بها .

وقوله :{ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا بن نمير ، عن الأعمش ، [ عن مسلم ]{[28396]} عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاس ، . فقالت عائشة : وعليكم السام و[ اللعنة ]{[28397]} ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ) ، قلت : ألا تسمعهم يقولون : السام عليك ؟ فقال رسول الله : ( أو ما سمعت أقول{[28398]} وعليكم ؟ ) . فأنزل الله :{ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } {[28399]} .

وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم : عليكم السام والذام واللعنة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا ){[28400]} .

وقال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهودي فسلَّم عليهم ، فردوا عليه ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون ما قال ؟ ) ، قالوا : سلم يا رسول الله . قال : ( بل قال : سام عليكم ، أي : تسامون دينكم ) . قال رسول الله : ( ردوه ) . فردوه عليه . فقال نبي الله : ( أقلت : سام عليكم ؟ ) ، قال : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك ) أي : عليك ما قلت {[28401]} . وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح ، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة ، بنحوه{[28402]} .

وقوله :{ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } أي : يفعلون هذا ، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام ، وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم : لو كان هذا نبيًا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن ؛ لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيًا حقًّا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا ، فقال الله تعالى :{ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ } أي : جهنم كفايتهم في الدار الآخرة{ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ؛ أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم :{ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } ؟ ، فنزلت هذه الآية :{ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } إسناد حسن ولم يخرجوه{[28403]} .

وقال العوفي ، عن بن عباس :{ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله إذا حيوه : " سام عليك " ، قال الله :{ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } .


[28393]:- (2) زيادة من أ.
[28394]:- (3) في م: "أمرًا" وهو خطأ.
[28395]:- (1) رواه الإمام أحمد في المسند (3/30) وابن ماجة في السنن برقم (4204) من طريق كثير بن زيد به نحوه، وقال البوصيري في الزوائد (3/296): "هذا إسناد حسن، كثير بن زيد وربيع بن عبد الرحمن مختلف فيهما".
[28396]:- (2) زيادة من المسند (6/229).
[28397]:- (3) زيادة من أ.
[28398]:- (4) في أ: "ما أقول".
[28399]:- (5) رواه مسلم في صحيحه برقم (2165) من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش به نحوه.
[28400]:- (6) انظر: صحيح البخاري برقم (6030) وصحيح مسلم برقم (2166) من حديث عائشة، رضي الله عنها.
[28401]:- (7) تفسير الطبري (27/11).
[28402]:- (8) صحيح مسلم برقم (2163).
[28403]:- (1) المسند (2/170).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ نُهُواْ عَنِ النّجْوَىَ ثُمّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ وَيَقُولُونَ فِيَ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذّبُنَا اللّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ نُهُوا عَنِ النّجْوَى من اليهود ثُمّ يَعودُون فقد نهى الله عزّ وجلّ إياهم عنها ، ويتناجون بينهم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله { ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ نُهُوا عَن النّجْوَى }قال : اليهود .

قوله : { ثُمّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ }يقول جلّ ثناؤه : ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى { وَيَتَناجُونَ بالإثْمِ والعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ }يقول جلّ ثناؤه : ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان ، وذلك خلاف أمر الله ومعصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وَيَتَناجَوْنَ }فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين والبصريين { وَيَتَناجَوْنَ } على مثال يتفاعلون ، وكان يحيى وحمزة والأعمش يقرأون «وَيَنْتَجُونَ » على مثال يفتعلون ، واعتلّ الذين قرأوه : يَتَنَاجَوْنَ بقوله : إذَا تَنَاجَيْتُمْ ولم يقل : إذا انتجيتم .

وقوله : { وَإذا جاءُوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا جاءك يا محمد هؤلاء الذين نهوا عن النجوى ، الذين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهم ، حيوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية ، وكانت تحيتهم التي كانوا يحيونه بها التي أخبر الله أنه لم يحيه بها فيما جاءت به الأخبار ، أنهم كانوا يقولون : السام عليك . ذكر الرواية الواردة بذلك :

حدثنا ابن حُمَيد وابن وكيع قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السام عليكم ، وفعل الله بكم وفعل ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «يا عائِشَةُ إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفُحْشَ » ، فقلت : يا رسول الله ، ألست ترى ما يقولون ؟ فقال : «أَلَسْتِ تَرَيْنَنِي أرُدّ عَلَيْهِمْ ما يَقُولُونَ ؟ أقُول : عَلَيْكُمْ » وهذه الآية في ذلك نزلت { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله وَيَقُولُونَ فِي أنْفُسِهمْ لَوْلا يُعَذّبُنا الله بِمَا نَقُول ، حَسْبُهُمْ جَهَنّم يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ المَصِيرِ } .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : كان اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم فيقولون : السام عليكم ، فيقول : «عَلَيْكمْ » قالت عائشة : السام عليكم وغَضَبُ الله فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنّ اللّهَ لا يحِبّ الفاحِشَ المُتَفَحّشَ » ، قالت : إنهم يقولون : السام عليكم ، قال : «إنّي أقُول : عَلَيْكُمْ » ، فنزلت : { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله }قال : فإن اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليكم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ }قال : كانت اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليكم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ . . . إلى فَبِئْسَ المَصِيرُ }قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حيوه : سام عليكم ، فقال الله { حَسْبُهُمْ جَهَنّم يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ المَصِير } .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ }قال : يقولون : سام عليكم ، قال : هم أيضا يهود .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله }قال : اليهود كانت تقول : سام عليكم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري أن عائشة فطنت إلى قولهم ، فقالت : وعليكم السامة واللعنة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «مَهْلاً يا عائِشَة إنّ اللّهَ يحِبّ الرّفْقَ في الأمْرِ كُلّهِ » ، فقالت : يا نبيّ الله ألم تسمع ما يقولون ؟ قال : «أفَلَمْ تَسْمَعي ما أردّ عَلَيْهِمْ ؟ أقُول : عَلَيْكُمْ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهوديّ ، فسلم عليهم ، فردّوا عليه ، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : «هَلْ تَدْرُونَ ما قالَ ؟ » قالوا : سلّم يا رسول الله ، قال : «بَلْ قالَ : سأْمٌ عَلَيْكُمْ ، أي تسأمون دينكم » ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أقُلْت سأَمٌ عَلَيْكُمْ ؟ » قال : نعم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إذَا سَلّمَ عَلَيْكُمْ أحَدٌ مِنْ أهْلِ الكِتابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكَ » : أي عليك ما قلت .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وإذَا جاءوكَ حَيّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللّهُ }قال : هؤلاء يهود ، جاء ثلاثة نفر منهم إلى باب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فتناجوا ساعة ، ثم استأذن أحدهم ، فأذن له النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : السام عليكم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «عَلَيْكَ » ، ثُمّ الثاني ، ثُمّ الثّالِثُ قال ابن زيد : السام : الموت .

وقوله جلّ ثناؤه : { وَيَقُولُونَ فِي أنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذّبُنا اللّهُ بِمَا نَقُولُ }يقول جل ثناؤه : ويقول محيوك بهذه التحية من اليهود : هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيعجل عقوبته لنا على ذلك ، يقول الله : حسبْ قائلي ذلك يا محمد جهنم ، وكفاهم بها يصلونها يوم القيامة ، فبئس المصير جهنم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

هذه الآية نزلت في قوم من اليهود نهاهم رسول الله عن التناجي بحضرة المؤمنين وإظهار ما يستراب منه من ذلك فلم ينتهوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد وقتادة . وقال ابن عباس نزلت في اليهود والمنافقين .

وقرأ جمهور القراء والناس : «ويتناجون » على وزن يتفاعلون ، وقرأ حمزة والأعمش وطلحة وابن وثاب «وينتجون »{[11005]} على وزن يفتعلون وهما بمعنى واحد كيقتتلون ويتقاتلون وفي مصحف عبد الله بن مسعود : «وعصيان الرسول » .

وقوله تعالى : { وإذا جاؤوك حيوك } الآية ، يريد بذلك ما كانت اليهود تفعله من قولهم في التحية السام عليك يا محمد ، وذلك أنه روي أن اليهود كانت تأتي فتقول : السام عليك يا محمد ، والسام : الموت ، وإياه كانوا يريدون ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «وعليكم » ، فسمعتهم عائشة يوماً فقالت : بل عليكم السام واللعنة ، فقال رسول الله : «مهلاً يا عائشة إن الله يكره الفحش والتفحش » ، قالت : أما سمعت ما قالوا ؟ قال : «أما سمعت ما قلت لهم ؟ إني قلت وعليكم »{[11006]} .

ثم كشف الله تعالى خبث طويتهم والحجة التي إليها يستروحون ، وذلك أنهم كانوا يقولون : نحن الآن نلقى محمداً بهذه الأمور التي تسوؤه ولا يصيبنا سوء ، ولا يعاقبنا الله بذلك ، ولو كان نبياً لهلكنا بهذه الأقوال ، وجهلوا أن أمرهم مؤخر إلى عذاب جهنم ، فأخبر الله بذلك وأنها كافيتهم . وقال ابن عباس : هذه الآية كلها في منافقين ، ويشبه أن من المنافقين من تخلق في هذا كله بصفة اليهود .


[11005]:مضارع "انتجى"، جاء في اللسان"انتجى القوم وتناجوا: تساروا".
[11006]:أخرجه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن عائشة رضي الله عنها. (الدر المنثور).