البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

نزلت { ألم تر } في اليهود والمنافقين .

كانوا يتناجون دون المؤمنين ، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم ، موهمين المؤمنين من أقربائهم أنهم أصابهم شر ، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أقرباؤهم .

فلما كثر ذلك منهم ، شكا المؤمنون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المؤمنين ، فلم ينتهوا ، فنزلت ، قاله ابن عباس .

وقال مجاهد : نزلت في اليهود .

وقال ابن السائب : في المنافقين .

وقرأ الجمهور : { ويتناجون } ؛ وحمزة وطلحة والأعمش ويحيى بن وثاب ورويس : وينتجون مضارع انتجى .

{ بما لم يحيك به الله } : كانوا يقولون : السام عليك ، وهو الموت ؛ فيرد عليهم : وعليكم .

وتحية الله لأنبيائه : { وسلام على عباده الذين اصطفى } { لولا يعذبنا الله بما نقول } : أي إن كان نبياً ، فما له لا يدعو علينا حتى نعذب بما نقول ؟ فقال تعالى : { حسبهم جهنم } .

ثم نهى المؤمنين أن يكون تناجيهم مثل تناجي الكفار ، وبدأ بالإثم لعمومه ، ثم بالعدوان لعظمته في النفوس ، إذ هي ظلامات العباد .