تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

قوله تعالى :{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } يعني اليهود كان بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم موادعة ، فإذا رأوا رجلا من المسلمين وحده يتناجون بينهم ، فيظن المسلم أنهم يتناجون بقتله ، أو بما يكره ، فيترك الطريق من المخافة ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهاهم عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فقال الله تعالى :{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما } للذي { نهوا عنه ويتناجون بالإثم } يعني بالمعصية { والعدوان } يعني الظلم { ومعصيت الرسول } يعني حين نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فعصوه .

ثم أخبر عنهم ، فقال :{ وإذا جاءوك حيوك } يعني كعب بن الأشرف ، وحيى بن أخطب ، وكعب بن أسيد ، وأبو ياسر ، وغيرهم { حيوك بمالم يحيك به الله } يعني اليهود ، قالوا : انطلقوا بنا إلى محمد ، فنشتمه علانية كما نشتمه في السر ، فقالوا : السام ، يعنون بالسام السآمة والفترة ، ويقولون : تسأمون يعني تتركون دينكم ، فقالت عائشة ، رضي الله عنها : عليكم السام ، والذام ، والفان ، يا إخوان القردة والخنازير ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم قول عائشة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :( مهلا يا عائشة ، عليك بالرفق ، فإنه ما وضع في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه ) ، فقال جبريل ، عليه السلام : إنه لا يسلمون عليك ولكنهم يشتمونك ، فلما خرجت اليهود من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، قال بعضهم لبعض : إن كان محمد لا يعلم ما نقول له ، فالله يعلمه ، ولو كان نبيا لأعلمه الله ما نقول ، فذلك قوله :{ ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } لنبيه وأصحابه يقول الله { حسبهم جهنم } شدة عذابها { يصلونها فبئس المصير } آية يعني بئس المرجع إلى النار .