معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

[ 206/ا ] وقوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُواْ عَنِ النَّجْوَى } ، نزلت في اليهود والمنافقين ، وكانوا إذا قاعدوا مسلماً قد غزا له قريب في بعض سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجى الإثنان من اليهود والمنافقين بما يوقع في قلب المسلم أن صاحبه قد قتل ، أو أصيب ، فيحزن لذلك ، فنهوا عن النجوى .

وقد قال الله : { إِنَّما النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ } ، وقوله : { وَيَتَناجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } ، قراءة العوام بالألف ، وقرأها يحيى بن وثاب : وينتجون ، وفي قراءة عبد الله : إذا انْتجَيْتُمْ فلا تَنْتَجُوا .

وقوله : { وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } ، كانت اليهود تأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليك : فيقول لهم : وعليكم ، فيقولون : لو كان محمد نبياً لاستجيب له فينا ؛ لأنّ السام : الموت ، فذلك قوله : { لَوْلاَ يُعَذِّبُنا اللَّهُ بِما نَقُولُ } : أي : هلاَّ .