أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَيَتَنَٰجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِۖ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوۡكَ بِمَا لَمۡ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ يَصۡلَوۡنَهَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (8)

شرح الكلمات :

{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } : أي المسارة الكلامية والمنهيون هم اليهود والمنافقون .

{ ثم يعودون لما نهوا } : أي من التناجي تعمداً لأذية المؤمنين بالمدينة .

{ ويتناجون بالإِثم والعدوان } : أي بما هو إثم في نفسه ، وعداوة الرسول والمؤمنين .

{ ومعصية الرسول } : أي يتناجون فيوصي بعضهم بعضاً بمعصية الرسول وعدم طاعته .

{ وإذا جاءوك حيوك } : أي جاءوك أيها النبي حيوك بقولهم السام عليك .

{ بما لم يحيك به الله } : أي حيوك بلفظ السام عليك ، وهذا لم يحي الله به رسوله بل حياه بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .

{ ويقولون في أنفسهم } : أي سراً فيما بينهم .

{ لولا يعذبنا الله بما نقول } : أي هلا يعذبنا الله بما نقول له ، فلو كان نبياً لعاجلنا الله بالعقوبة .

{ حسبهم جهنم يصلونها } : أي يكفيهم عذاب جهنم يصلونها فبئس المصير لهم .

المعنى :

قوله تعالى { ألم تر } الآية : هذه نزلت في يهود المدينة والمنافقين فيها ، إذ كانوا يتناجون أي يتحدثون سرّاً على مرأى من المؤمنين ، والوقت وقت حرب فيوهمون المؤمنين أن عدواً قد عزم على غزوهم ، أو أن سرية هزمت أو أن مؤامرة تحاك ضدهم ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التناجي ، " وقال لا يتناج اثنان دون ثالث " وأبوا إلا أن يتناجوا فأنزل الله تعالى هذه الآية يعجب رسوله منهم ويوعدهم بعد فضحهم وكشف الستار عن كيدهم للمؤمنين ومكرهم بهم ، فقال تعالى لرسول ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى وهي التناجي المحادثة السرية أمام الناس ، ثم يعودون لما نهوا عنه عصياناً وتمرداً عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويتناجون لا بالبر والتقوى ، ولكن بالإِثم والعدوان ومعصية الرسول أي بما هو إثم في نفسه كالغيبة والبذاء في القول ، وبالعدوان وهو الاعتداء على المؤمنين وظلمهم ، وبمعصية الرسول فيوصي بعضه بعضاً بعصيان الرسول وعدم طاعته في أمره ونهيه .

هذا وشر منه أنهم إذا جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيَّوه بمالم يحيه به الله فلم يقولوا السلام عليكم ولكن يقولون السام عليكم ، والسام الموت ، يلوون بها ألسنتهم ، ويأتون الرسول واحداً واحداً ليحيوه بهذه التحية الخبيثة ليدعوا عليه بالموت لعنة الله عليهم ما أكثر أذاهم ، وما أشد مكرهم ، وما أنتن خبثهم ، ويقولون في أنفسهم أي فيما بينهم لو كان محمد نبياً لآخذنا الله بما نقول له من الدعاء عليه بالموت ، وهذا معنى قوله تعالى عنهم : { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } أي هلاًَّ عذبنا الله بما نقول لمحمد صلى الله عليه وسلم لو كان نبياً .

قال تعالى حسبهم عذاباً جهنم يصلونها يحترقون بحرها ولظاها يوم القيامة فبئس المصير الذي يصيرون إليه في الدار الآخرة جهنم وزقومها وحميمها وضريعها وغسلينها ويحمومها وفوق ذلك غضب الله ولعنته عليهم .

الهداية :

من الهداية :

- بيان مكر اليهود والمنافقين وكيدهم للمؤمنين في كل زمان ومكان .

- إذا حيا الكافرُ المؤمنَ ورد عليه المؤمنُ رد عليه بقوله وعليكم لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه ناس من اليهود فقالوا السام عليك يا أبا القسم ، فقال صلى الله عليه وسلم " وعليكم " ، فقالت عائشة رضي الله عنها عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم . فقال لها عليه الصلاة والسلام : " يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش " فقالت ألا تسمعهم يقولون السام ؟ " فقال لها أو ما سمعت ما أقول : وعليكم " ، فأنزل الله هذه الآية رواه الشيخان .

- إذا سلم الذميّ وكان سلامه بلفظ السلام عليكم لا بأس أن يرد عليه بلفظه .