قوله تعالى : { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } يعني فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطول العمر وكثرة المال . قال المبرد : ما في قوله : " فيما " بمنزلة الذي ، " إن " بمنزلة " ما " وتقديره : ولقد مكناهم في الذي ما مكناهم فيه . { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون }
ولم تكتف السورة الكريمة بعرض مصارع هؤلاء المجرمين ، الذين لا يخفى أمرهم على المشركين المعاصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم - بل أخذت فى تذكير هؤلاء المشركين ، بما يحملهم على الزيادة من العظة والعبرة لو كانوا يعقلون ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } .
و " ما " فى قوله : { فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } موصولة . و " إن " نافية . أى : والله لقد مكنا قوم هود وغيرهم من الأقوام السابقين عليكم - يا أهل مكة فى الذى لم نمكنكم فيه ، بأن جعلناهم أشد منكم قوة ، وأكثر جمعا ، وأعطيناهم من فضله أسماعا وأبصارا وأفئدة .
فالمقصود من الاية بيان أن المشركين السابقين ، أعطاهم الله - تعالى - من الأموال والأولاد والقوة . . أكثر مما أعطى الكافرين المعاصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم - .
ولكن هؤلاء الطغاة السابقين لما لم يشكروا الله - تعالى - على نعمه كانت عاقبتهم الهلاك ، كما يدل عليه قوله - سبحانه - بعد ذلك : { فَمَآ أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ } .
أى : أعطيناهم من النعم ما لم نعطكم يا أهل مكة ، ولكنهم لما لم يشكرونا على نعمنا ، ولم يستعملوها فى طاعتنا ، أخذناهم أخذ عزيز مقتدر ، دون أن تنفعهم شيئا أسماعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم ، حين نزل بهم عذابنا ، بل كل ما بين أيديهم من قوة ومن نعم ذهب أدراج الرياح وصار معهم هباء منثورا .
و " من " فى قوله : { مِّن شَيْءٍ } لتأكيد عدم الإِغناء . أى : ما أغنت عنهم شيئا حتى ولو كان هذا الشئ فى غاية القلة والحقارة .
ثم بين - سبحانه - أن ما أصابهم من دمار كان بسبب جحودهم للحق واستهزائهم به ، فقال : { إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ الله وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
أى : هذا الهلاك والدمار الذى حاق بهم ، كان بسبب جحودهم لآيات الله الدالة على وحدانيته وكمال قدرته ، واستهزائهم بما جاءهم به رسلهم من الحق .
ومن الآيات القرآنية التى وردت فى هذا المعنى ، قوله - تعالى - : { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً ومضى مَثَلُ الأولين } وقوله - سبحانه - { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأرض فَمَآ أغنى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }
وعلى مشهد الدمار والخراب يلتفت إلى أمثالهم الحاضرين ، يلمس قلوبهم بما ترتعش منه القلوب : ( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه . وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة . فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء . إذ كانوا يجحدون بآيات الله . وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ) . .
هؤلاء الذين دمرتهم الريح المأمورة بالتدمير . مكناهم فيما لم نمكنكم فيه . . إجمالا . . من القوة والمال والعلم والمتاع . وآتيناهم أسماعا وأبصارا وأفئدة - والقرآن يعبر عن قوة الإدراك مرة بالقلب ومرة بالفؤاد ومرة باللب ومرة بالعقل . وكلها تعني الإدراك في صورة من صوره - ولكن هذه الحواس والمدارك لم تنفعهم في شيء . إذ أنهم عطلوها وحجبوها ( إذ كانوا يجحدون بآيات الله ) . . والجحود بآيات الله يطمس الحواس والقلوب ، ويفقدها الحساسية والإشراق والنور والإدراك . ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) . . من العذاب والبلاء . .
والعبرة التي يفيدها كل ذي سمع وبصر وقلب ، ألا يغتر ذو قوة بقوته ، ولا ذو مال بماله ، ولا ذو علم بعلمه . فهذه قوة من قوى الكون تسلط على أصحاب القوة والمال والعلم والمتاع ، فتدمر كل شيء ، وتتركهم ( لا يرى إلا مساكنهم )حين يأخذهم الله بسنته التي يأخذ بها المجرمين .
والريح قوة دائبة العمل ، وفق النظام الكوني الذي قدره الله ، وهو يسلطها حين يسلطها للتدمير وهي ماضية في طريقها الكوني ، تعمل وفق الناموس المرسوم . فلا حاجة لخرق النواميس الكونية - كما يعترض المعترضون واهمين - فصاحب الناموس المرسوم هو صاحب القدر المعلوم . وكل حادث وكل حركة ، وكل اتجاه ، وكل شخص ، وكل شيء ، محسوب حسابه ، داخل في تصميم الناموس .
والريح كغيرها من القوى الكونية مسخرة بأمر ربها ، ماضية تؤدي ما قدره لها في نطاق الناموس المرسوم لها وللوجود كله . ومثلها قوة البشر المسخرة لما يريده الله بها . المسخر لها من قوى الكون ما أراد الله تسخيره لها . وحين يتحرك البشر فإنما يؤدون دورهم في هذا الوجود ، ليتم ما أراده الله بهم وفق ما يريد . وحرية إرادتهم في الحركة والاختيار جزء من الناموس الكلي ينتهي إلى التناسق الكوني العام . وكل شيء مقدر تقديرا لا يناله نقص ولا اضطراب .
يقول تعالى : ولقد مكنا الأمم السالفة في الدنيا من الأموال والأولاد ، وأعطيناهم منها {[26465]} ما لم نعطكم مثله ولا قريبا منه ، { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي : وأحاط بهم العذاب والنكال الذي كانوا يكذبون به ويستبعدون وقوعه ، أي : فاحذروا أيها المخاطبون أن تكونوا مثلهم ، فيصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب في الدنيا والآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ مَكّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مّكّنّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَحَاقَ بِه مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
يقول تعالى ذكره لكفار قريش : ولقد مكّنا أيها القوم عادا الذين أهلكناهم بكفرهم فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا ، وأعطيناهم منها الذي لم نعطكم منهم من كثرة الأموال ، وبسطة الأجسام ، وشدّة الأبدان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ مَكّنّاهُمْ فِيما إنْ مَكّنّاكُمْ فِيهِ يقول : لم نمكنكم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقَدْ مَكَنّاهُمْ فِيما إنْ مَكّنّاكُمْ فِيهِ : أنبأكم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم .
وقوله : وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعا يسمعون به مواعظ ربهم ، وأبصارا يبصرون بها حجج الله ، وأفئدة يعقلون بها ما يضرّهم وينفعهم فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أبْصَارُهُمْ وَلا أفْئِدَتُهُمْ منْ شَيْءٍ يقول : فلم ينفعهم ما أعطاهم من السمع والبصر والفؤاد إذ لم يستعملوها فيما أعطوها له ، ولم يعملوها فيما ينجيهم من عقاب الله ، ولكنهم استعملوها فيما يقرّبهم من سخطه إذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بآياتِ اللّهِ يقول : إذ كانوا يكذّبون بحجج الله وهم رُسله ، وينكرون نبوّتهم وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئون يقول : وعاد عليهم ما استهزأوا به ، ونزل بهم ما سخروا به ، فاستعجلوا به من العذاب ، وهذا وعيد من الله جلّ ثناؤه لقريش ، يقول لهم : فاحذروا أن يحلّ بكم من العذاب على كفركم بالله وتكذيبكم رسله ، ما حلّ بعاد ، وبادروا بالتوبة قبل النقمة .
{ ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } { إن } نافية وهي أحسن من ما ههنا لأنها توجب التكرير لفظا ولذلك قلبت ألفها هاء في مهما ، أو شرطية محذوفة الجواب والتقدير ، ولقد مكناهم في الذي أوفي شيء إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر ، أو صلة كما في قوله :
يرجي المرء ما إن لا يراه *** ويعرض دون أدناه الخطوب
والأول أظهر وأوفق لقوله : { هم أحسن أثاثا } { كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا } . { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة } ليعرفوا تلك النعم ويستدلوا بها على مانحها تعالى ويواظبوا على شكرها . { فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء } من الإغناء وهو القليل . { إذ كانوا يجحدون بآيات الله } صلة { فما أغنى } وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث إن الحكم مرتب على ما أضيف إليه وكذلك حيث . { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } من العذاب .
ثم خاطب تعالى قريشاً على جهة الموعظة بقوله : { ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه } ف { ما } ، بمعنى الذي ، و { إن } نافية وقعت مكان { ما } ليختلف اللفظ ، ولا تتصل { ما } ب { ما } ، لأن الكلام كأنه قال : في الذي ما مكناكم فيه . ومعنى الآية : ولقد أعطيناهم من القوة والغنى والبسط في الأموال والأجسام ما لم نعطكم ، ونالهم بسبب كفرهم هذا العذاب ، فأنتم أحرى بذلك إذا كفرتم . وقالت فرقة : { إن } شرطية ، والجواب محذوف تقديره : في الذي إن مكناكم فيه طغيتم ، وهذا تنطع في التأويل{[10328]} .
ثم عدد تعالى عليهم نعم الحواس والإدراك ، وأخبر أنها لم تغن حين لم تستعمل على ما يجب . و » ما « : نافية في قوله : { فما أغنى عنهم } ويقوي ذلك دخول { من } في قوله : { من شيء } .
وقالت فرقة : » ما «في قوله : { فما أغنى عنهم } استفهام بمعنى التقرير ، و » { من شيء } على هذا تأكيد ، وهذا على غير مذهب سيبويه في دخول من في الواجب . { وحاق } معناه : وجب ولزم ، وهو مستعمل في المكاره ، والمعنى جزاء { ما كانوا به يستهزئون } .
هذا استخلاص لموعظة المشركين بمَثَل عاد ، ليعلموا أن الذي قدَر على إهلاك عاد قادر على إهلاك مَن هم دونهم في القوة والعدد ، وليعلموا أن القوم كانوا مثلهم مستجمعين قوى العقل والحسّ وأنهم أهملوا الانتفاع بقواهم فجحدوا بآيات الله واستهزؤوا بها وبوعيده فحاق بهم ما كانوا يستهزئون به ، وقريش يعلمون أن حالهم مثل الحال المحكيّة عن أولئك فليتهيّأوا لما سيحلّ بهم . ولإفادة هذا الاستخلاص غُيّر أسلوب الكلام إلى خطاب المشركين من أهل مكة ، فالجملة في موضع الحال من واو الجماعة في { قالوا أجئتنا } [ الأحقاف : 22 ] والخبر مستعمل في التعجيب من عدم انتفاعهم بمواهب عقولهم . وتأكيد هذا الخبر بلام القسم مع أن مفاده لا شك فيه مصروف إلى المبالغة في التعجيب .
والتمكين : إعطاء المَكِنة ( بفتح الميم وكسر الكاف ) وهي القدرة والقوة . يقال : مكُن من كذا وتمكن منه ، إذا قدر عليه . ويقال : مكَّنه في كذا ، إذا جعل له القدرة على مدخول حرف الظرفية فيفسر بما يليق بذلك الظرف قال تعالى : { مكنّاهم في الأرض ما لم نمكن لهم } في سورة الأنعام ( 6 ) .
فالمعنى : جعلنا لهم القدرة في الذي لم نمكنكم فيه ، أي من كل ما يمكّن فيه الأقوام والأمم ، وتقدم عند قوله تعالى : { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكَّنَّاهم في الأرض } في أول الأنعام ( 6 ) فضمّ إليه ما هنا .
و ( ما ) من قوله فيما } موصولة . و { إن } نافية ، أي في الذي ما مَكَّناكم فيه .
ومعنى مكناكم فيه : مكناكم في مثله أو في نوعه فإن الأجناس والأنواع من الذوات حقائق معنوية لا تتغير مواهبها وإنما تختلف بوجودها في الجزئيات ، فلذلك حسن تعدية فعل { مكناكم } بحرف الظرفية إلى ضمير اسم الموصول الصادق على الأمور التي مُكنت منها عاد . ومن بديع النظم أن جاء النفي هنا بحرف { إنْ } النافية مع أنَّ النفي بها أقل استعمالا من النفي ب ( ما ) النافية قصداً هنا لدفع الكراهة من توالي مثلين في النطق وهما ( ما ) الموصولة و ( ما ) النافية وإن كان معناهما مختلفاً ، ألا ترى أن العرب عوضوا الهاء عن الألف في ( مهما ) ، فإن أصلها : ( ما ما ) مركبة من ( ما ) الظرفية و ( ما ) الزائدة لإفادة الشرط مثل ( أينما ) . قال في « الكشاف » : ولقد أغَثَّ أبو الطيب في قوله :
لعمرك مَا مَا بَان منك لِضَاربٍ{[383]}
وأقول ولم يتعقب ابن جنّي ولا غيره ممّن شرح الديوان من قبل على المتنبي وقد وقع مثله في ضرورات شعر المتقدمين كقول خطام المجاشعي :
وَصَاليات كَكَمَا يُؤثفَيْنْ *** ولا يغتفر مثله للمولدين .
فأما إذا كانت ( ما ) نافية وأراد المتكلم تأكيدها تأكيداً لفظياً ، فالإتيان بحرف ( إنْ ) بعد ( ما ) أحرى كما في قول النابغة :
رماد ككحل العين ما إنْ أبينُه *** ونؤيٌ كجذم الحوض أثلم خاشع
وفائدة قوله : { وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة } أنهم لم ينقصهم شيء من شأنه أي يخلّ بإدراكهم الحق لولا العناد ، وهذا تعريض بمشركي قريش ، أي أنكم حرمتم أنفسكم الانتفاع بسمعكم وأبصاركم وعقولكم كما حُرموه ، والحالة متحدة والسبب متّحد فيوشك أن يكون الجزاء كذلك . وإفراد السمع دون الأبصار والأفئدة للوجه الذي تقدم في قوله : { قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم } في سورة الأنعام ( 46 ) وقوله : { أم مَن يملك السمع والأبصار } في سورة يونس ( 31 ) .
ومِن } في قوله : { من شيء } زائدة للتنصيص على انتفاء الجنس فلذلك يكون { شيء } المجرور ب { من } الزائدة نائباً عن المفعول المطلق لأن المراد بشيء من الإغناء ، وحق { شيء } النصب وإنما جُرّ بدخول حرف الجر الزائد .
و { إذْ } ظرف ، أي مدة جحودهم وهو مستعمل في التعليل لاستواء مؤدى الظرف ومؤدى التعليل لأنه لما جعل الشيء من الإغناء معلقاً نفيُه بزمان جحدهم بآيات الله كما يستفاد من إضافة { إذْ } إلى الجملة بعدها ، عُلم أن لذلك الزمان تأثيراً في نفي الإغناء .
وآيات الله دلائل إرادته من معجزات رسولهم ومن البراهين الدالة على صدق ما دعاهم إليه . وقد انطبق مثالهم على حال المشركين فإنهم جحدوا بآيات الله وهي آيات القرآن لأنها جَمَعت حقيقة الآيات بالمعنيين .
وحاق بهم : أحاط بهم { وما كانوا به يستهزئون } العذاب ، عدل عن اسمه الصريح إلى الموصول للتنبيه على ضلالهم وسوء نظرهم .