المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ} (47)

47- ونضع الموازين التي تقيم العدل يوم القيامة ، فلا تُظَلَم نفس بنقص شيء من حسناتها أو زيادة شيء في سيئاتها ، ولو كان وزن حبة صغيرة أتينا بها وحاسبنا عليها ، وكفي أن نكون الحاسبين فلا تظلم نفس شيئاً{[132]} .


[132]:تعليق الخبراء علي الآية 47: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبين}: تشير هذه الآية الكريمة إلي أن حبة الخردل تتناهي في صغر الوزن، وأثبتت التجارب العلمية أن الكيلو جرام من حبوب الخردل يحتوي علي 913 ألف حبة، وتكون الحبة بذلك حوالي جزي من ألف جزء من الجرام، أي ملليجرام تقريبا، وهذا أصغر وزن لحبة نبات عرف حتى الآن، وهي تستعمل لذلك في مقارنة المكاييل بالموازين الدقيقة نوعا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ} (47)

قوله تعالى : { ونضع الموازين القسط } أي ذوات القسط ، والقسط : العدل ، { ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً } لا ينقص من ثواب حسناتها ولا يزاد على سيئاتها ، وفي الأخبار : أن الميزان له لسان وكفتان . روي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان ، فأراه كل كفة ما بين المشرق والمغرب ، فغشي عليه ، ثم أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات ، فقال : يا داود إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة { وإن كان } الشيء { مثقال حبة } أي : زنة مثقال حبة{ من خردل } قرأ أهل المدينة ( مثقال ) برفع اللام هاهنا ، وفي سورة لقمان يعني : وإن وقع مثقال حبة من خردل ، ونصبها الآخرون على معنى : وإن كان ذلك الشيء مثقال حبة يعني : زنة مثقال حبة من خردل ، { أتينا بها } أحضرناها لنجازي بها { وكفى بنا حاسبين } قال السدي : محصين ، والحسب معناه : العد ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : عالمين حافظين ، لأن من حسب شيئاً علمه وحفظه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ} (47)

ثم بين - سبحانه - مظهرا من مظاهر عدله مع عباده يوم القيامة فقال : { وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً . . . } .

أى : ونحضر الموازين العادلة لمحاسبة الناس على أعمالهم يوم القيامة ولإعطاء كل واحد منهم ما يستحقه من ثواب أو عقاب ، دون أن يظلم ربك أحداً من خلقه .

{ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ } أى : وإن كانت الأعمال التى عملها الإنسان فى الدنيا فى نهاية الحقارة والقلة ، أتينا بها فى صحيفة عمله لتوزن ، وكفى بنا عادِّين ومحصين على الناس أعمالهم ، إذ لا يخفى علينا شىء منها سواء أكان قليلا أم كثيراً .

قال ابن كثير : قوله : { وَنَضَعُ الموازين } الأكثر على أنه ميزان واحد ، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه .

وقال القرطبى : " الموازين : جمع ميزان ، فقيل : إنه يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانا توزن به أعماله ، فتوضع الحسنات فى كفة ، والسيئات فى كفة .

وقيل : يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد ، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله . . . وقيل : ذِكْر الميزان مثَل وليس ثَمَّ ميزان وإنما هو العدل ، والذى وردت به الأخبار ، وعليه السواد الأعظم القول الأول . و " القسط " صفة الموازين ووحد لأنه مصدر . . .

واللام فى قوله { لِيَوْمِ القيامة } قيل للتوقيت . أى للدلالة على الوقت ، كقولهم : جاء فلان لخمس ليال بقين من الشهر . وقيل هى لام كى ، أى : لأجل يوم القيامة ، أو بمعنى فى أى : في يوم القيامة .

وقوله - سبحانه - { فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } بيان للعدل الإلهى ، وأنه - سبحانه - لا يظلم أحدا شيئا مما له أو عليه ، أى : فلا تظلم نفس شيئا من الظلم لا قليلا ولا كثيراً .

وقوله { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا } تصوير لدقة الحساب ، وعدم مغادرته لشىء من أعمال الناس ، إذ الخردل حب فى غاية الصغر والدقة . ومثقال الشىء : وزنه .

وأنث الضمير فى قوله " بها " وهو راجع إلى المضاف الذى هو " حبة من خردل " .

وقوله - سبحانه - : { وكفى بِنَا حَاسِبِينَ } بيان لإحاطة الله - تعالى - : بعلم كل شىء . كما قال - تعالى - { إِنَّ الله لاَ يخفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء } وفى معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة منها قوله - تعالى - : { إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } وقوله - سبحانه - : { يابني إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السماوات أَوْ فِي الأرض يَأْتِ بِهَا الله إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ } وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أولئك المشركين بجانب من نعم الله - تعالى - عليهم ، وحضهم على التدبر والاتعاظ ، وأنذرتهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا فى كفرهم وشركهم ، وصورت لهم دقة الحساب يوم القيامة ، وأن كل إنسان سيحاسب على عمله سواء أكان صغيرا أم كبيرا ، ولا يظلم ربك أحدا .