قوله تعالى : { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } . الآية ، قرأ عاصم وحمزة والكسائي " لا تحسبن " بالتاء ، أي لا تحسبن يا محمد الفارحين ، وقرأ الآخرون بالياء أي لا يحسبن الفارحون فرحهم منجياً لهم من العذاب فلا وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " فلا يحسبهم " بالياء وضم الباء خبراً عن الفارحين ، أي فلا يحسبن أنفسهم ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتح الباء ، أي " فلا تحسبنهم " يا محمد ، وأعاد قوله فلا تحسبنهم تأكيداً ، وفي حرف عبد الله بن مسعود ولا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا بمفازة من العذاب ، من غير تكرار ، واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا سعيد بن أبي مريم ، أنا محمد بن جعفر ، حدثني زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزل ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) الآية .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا إبراهيم بن موسى ، أنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني ابن أبي مليكة أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقل له : لئن كان كل امرئ فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً لنعذبن أجمعين ، فقال ابن عباس : مالكم ولهذه إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه فأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم ، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم ، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ) كذلك إلى قوله ( يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ) . قال عكرمة : نزلت في فنحاص وأسيبع وغيرهما من الأحبار يفرحون بإضلالهم الناس بنسبة الناس إياهم إلى العلم وليسوا بأهل العلم . وقال مجاهد : هم اليهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه . وقال سعيد بن جبير : هم اليهود فرحوا بما أعطى الله آل إبراهيم وهم برآء من ذلك . وقال قتادة ومقاتل :
أتت يهود خيبر نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : نحن نعرفك ونصدقك وإنا على رأيكم ونحن لك ردء ، وليس ذلك في قلوبهم ، فلما خرجوا قال لهم المسلمون : ما صنعتم ؟ قالوا :عرفناه وصدقناه ، فقال لهم المسلمون : أحسنتم ! هكذا فافعلوا ، فحمدوهم ودعوا لهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقال ( يفرحون بما أتوا ) قال الفراء : بما فعلوا ، كما قال الله تعالى ( لقد جئت شيئاً فريا ) أي فعلت .
قوله تعالى : { ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة } . بمنجاة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.