جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحۡمَدُواْ بِمَا لَمۡ يَفۡعَلُواْ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٖ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (188)

{ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا {[903]}تَحْسَبَنَّهُمْ } : تأكيد للأول ، { بمفازاة{[904]} } : منجاة ، { من العذاب } أي : فائزين بالنجاة منه ، ومن قرأ بالياء ففاعله الذين ، ومفعوله الأول متصل بالتأكيد{[905]} ولا حذف ، { ولهم عذاب أليم } بكفرهم ، وكتمانهم آيات الكتاب ، وقد صح{[906]} أن مروان أرسل أحدا إلى ابن عباس رضي الله عنهما وقال : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : مالكم وهذه إنما نزلت في أهل الكتاب ، وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء وأخبروه بغير الواقع ، فظنوا أن قد استحمدوا{[907]} إليه بما أخبروه ، وفرحوا بكتمانهم أو نزلت{[908]} في قوم تخلّفوا عن الغزو ، ثم اعتذروا وحلفوا واستحمدوا وقيل في المنافقين يفرحون بنفاقهم ، ويستحمدون إلى المسلمين بالإيمان .


[903]:والفاء للإشعار بأن أفعالهم المذكورة علة لمنع الحسبان والنهي عنه قال الزجاج: العرب تعيد إذا طالت القصة في حسبت وما أشبهها إعلاما بأن الذي جرى متصل بالأول وتوكيد تقول لا تظنن زيدا إذا جاءك وكلمك بكذا أو كذا فلا تظنه صادقا/12 منه.
[904]:بمعنى فائزين ثاني مفعولي تحسبن/12.
[905]:يعني: جعل التأكيد وهو لا تحسبن هو الفعل والفاعل إذ ليس المذكور سابقا إلا الفعل والفاعل، فالضمير المنصوب المتصل بالتأكيد هو المفعول الأول، ولا حذف وهو أولى مما قاله الزمخشري/12.
[906]:روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف/12 منه [أخرجه البخاري في (التفسير) (4568)، ومسلم في (صفات المنافقين) (5/648)].
[907]:أي: طلبوا الحمد متوسلين إليه بذلك/12، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[908]:رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري/12 [أخرجه البخاري في (التفسير) (4563)، ومسلم في (صفات المنافقين) (5/648) ط الشعب].