11- وأن الله سبحانه هو الذي يحفظكم ، فكل واحد من الناس له ملائكة تحفظه بأمر الله وتتناوب علي حفظه من أمامه ومن خلفه ، وأن الله سبحانه لا يغير حال قوم من شدة إلي رخاء ، ومن قوة إلي ضعف ، حتى يغيروا ما بأنفسهم بما يتناسب مع الحال التي يصيرون إليها ، وإذا أراد الله أن ينزل بقوم ما يسوؤهم فليس لهم ناصر يحميهم من أمره ، ولا من يتولي أمورهم فيدفع عنهم ما ينزل بهم .
( له معقبات من بين يديه ومن خلفه - يحفظونه - من أمر الله ) . .
والحفظة التي تتعقب كل إنسان ، وتحفظ كل شاردة وكل واردة وكل خاطرة وكل خالجة ، والتي هي من أمر الله ، لا يتعرض لها السياق هنا بوصف ولا تعريف . أكثر من أنها . ( من أمر الله ) . . فلا نتعرض نحن لها : ما هي ? وما صفاتها ? وكيف تتعقب ? وأين تكون ? ولا نذهب بجو الخفاء والرهبة والتعقب الذي يسبغه السياق . فذلك هو المقصود هنا ؛ وقد جاء التعبير بقدره ؛ ولم يجيء هكذا جزافا ؛ وكل من له ذوق بأجواء التعبير يشفق من أن يشوه هذا الجو الغامض بالكشف والتفصيل !
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . .
فهو يتعقبهم بالحفظة من أمره لمراقبة ما يحدثونه من تغيير بأنفسهم وأحوالهم فيرتب عليه الله تصرفه بهم . فإنه لا يغير نعمة أو بؤسى ، ولا يغير عزا أو ذلة ، ولا يغير مكانة أو مهانة . . . إلا أن يغير الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم ، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم . وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون . ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم ، ويجيء لاحقا له في الزمان بالقياس إليهم .
وإنها لحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة ؛ فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته ، أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر ؛ وأن تنفذ فيهم سنته بناء على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم . والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل . وهو يحمل كذلك - إلى جانب التبعة - دليل التكريم لهذا المخلوق الذي اقتضت مشيئة الله ، أن يكون هو بعمله أداة التنفيذ لمشيئة الله فيه .
وبعد تقرير المبدأ يبرز السياق حالة تغيير الله ما بقوم إلى السوء ؛ لأنهم - حسب المفهوم من الآية - غيروا ما بأنفسهم إلى أسوء فأراد لهم الله السوء :
( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ) . .
يبرز السياق هذا الجانب هنا دون الجانب الآخر لأنه في معرض الذين يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة . وقد قدم لهم هناك المغفرة على العذاب ليبرز غفلتهم ، وهو هنا يبرز العاقبة السوأى وحدها لإنذارهم حيث لا يرد عذاب الله عنهم - إذا استحقوه بما في أنفسهم - ولا يعصمهم منه وال يناصرهم . .
{ له } لمن أسر أو جهر أو استخفى أو سرب . { معقّبات } ملائكة تعتقب في حفظه ، جمع معقبة من عقبه مبالغة عقبه إذا جاء على عقبه كأن بعضهم يعقب بعضا ، أو لأنهم يعقبون أقواله وأفعاله فيكتبونها ، أو اعتقب فأدغمت التاء في القاف والتاء للمبالغة ، أو لأن المراد بالمعقبات جماعات . وقرئ " معاقيبُ " جمع معقب أو معقبة على تعويض الياء من حذف إحدى القافين . { من بين يديه ومن خلفه } من جوانبه أو من الأعمال ما قدم وأخر . { يحفظونه من أمر الله } من بأسه متى أذنب بالاستمهال أو الاستغفار له ، أو يحفظونه من المضار أو يراقبون أحواله من أجل أمر الله تعالى . وقد قرئ به وقيل من بمعنى الباء . وقيل من أمر الله صفة ثانية ل { معقبات } . وقيل المعقبات الحرس والجلاوزة حول السلطان يحفظونه في توهمه من قضاء الله تعالى . { إن الله لا يغيّر ما بقوم } من العافية والنعمة . { حتى يغيّروا ما بأنفسهم } من الأحوال الجميلة بالأحوال القبيحة { وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له } فلا راد له فالعامل في { إذا } ما دل عليه الجواب . { وما لهم من دونه من والٍ } ممن يلي أمرهم فيدفع عنهم السوء ، وفيه دليل على أن خلاف مراد الله تعالى محال .
اختلف المتأولون في غير عود الضمير من { له } : فقالت فرقة : هو عائد على اسم الله عز وجل المتقدم ذكره ، و «المعقبات » - على هذا الملائكة الحفظة على العباد أعمالهم ، والحفظة لهم أيضاً - قاله الحسن ، وروى فيه عثمان بن عفان حديثاً{[6921]} عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول مجاهد والنخعي - والضمير على هذا في قوله : { يديه } وما بعده من الضمائر عائد على العبد المذكور في قوله : { من هو مستخف } [ الرعد : 10 ] و { من أمر الله } يحتمل أن يكون صفة ل { معقبات } ويحتمل أن يكون المعنى : يحفظونه من كل ما جرى القدر باندفاعه ، فإذا جاء المقدور الواقع أسلم المرء إليه .
وقال ابن عباس أيضاً{[6922]} : الضمير في { له } عائد على المذكور في قوله { من هو مستخف بالليل } [ الرعد : 10 ] وكذلك باقي الضمائر التي في الآية ، قالوا{[6923]} : و { معقبات } - على هذا - حرس الرجل وجلاوزته الذين يحفظونه{[6924]} ، قالوا : والآية - على هذا - في الرؤساء الكافرين ، واختار هذا القول الطبري ، وهو قول عكرمة وجماعة ، قال عكرمة : هي المواكب خلفه وأمامه .
قال القاضي أبو محمد : ويصح على التأويل الأول الذي قبل هذا أن يكون الضمير في { له } للعبد المؤمن على معنى جعل الله له .
قال القاضي أبو محمد : وهذا التأويل عندي أقوى{[6925]} ، لأن غرض الآية إنما هو التنبيه على قدرة الله تعالى ، فذكر استواء { من هو مستخف } [ الرعد : 10 ] ومن هو { سارب } [ الرعد : 10 ] وأن { له معقبات } من الله تحفظه في كل حال ، ثم ذكر أن الله تعالى لا يغير هذه الحالة من الحفظ للعبد حتى يغير ما بنفسه .
قال القاضي أبو محمد : وعلى كلا التأويلين ليست الضمائر لمعين من البشر .
وقال عبد الرحمن بن زيد : الآية في النبي عليه السلام ، ونزلت في حفظ الله له من أربد بن ربيعة وعامر بن الطفيل في القصة التي ستأتي بعد هذا في ذكر الصواعق .
قال القاضي أبو محمد : وهذه الآية وإن كانت بألفاظها تنطبق على معنى القصة فيضعف القول : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقدم له ذكر فيعود الضمير في { له } عليه .
و «المعقبات » : الجماعات التي يعقب بعضها بعضاً ، فعلى التأويل الأول هي الملائكة ، وينظر هذا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : «يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة المغرب والصبح »{[6926]} ، وعلى التأويل الثاني : هي الحرس والوزعة الذين للملوك .
و { معقبات } جمع معقبة وهي الجماعة التي تأتي بعد الأخرى ، والتعقيب - بالجملة - أن تكون حال تعقبها حال أخرى من نوعها ، وقد تكون من غير النوع ، ومنه معاقبة الركوب ومعاقبة الجاني ومعقب عقبة القدر والمعاقبة في الأزواج ، ومنه قول سلامة بن جندل : [ البسيط ]
وكرّنا الخيل في آثارهم رجعاً***كسر السنابك من بدء وتعقيب{[6927]}
وقرأ عبيد الله بن زياد على المنبر : «له معاقيب » قال أبو الفتح : هو تكسير معقب .
قال القاضي أبو محمد : بسكون العين وكسر القاف كمطعم ومطاعيم ، ومقدم ومقاديم .
وهي قراءة أبي البرهسم - فكأن معقباً جمع على معاقبة ثم جعلت الياء في معاقيب عوضاً من الهاء المحذوفة في معاقبة ، والمعقبة ليست جمع معقب - كما ذكر ذلك الطبري وشبه ذلك برجل ورجال ورجالات ، وليس الأمر كما ذكر لأن تلك كجمل وجمالات ، ومعقبة ومعقبات إنما هي كضاربة وضاربات{[6928]} .
وفي قراءة أبيّ بن كعب «من بين يديه ورقيب من خلفه » ، وقرأ ابن عباس : «ورقباء من خلفه » ، وذكر عنه أبو حاتم أنه قرأ : «معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله » .
وقوله : { يحفظونه } يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يكون بمعنى يحرسونه ، ويذبون عنه : فالضمير محمول ليحفظ .
والمعنى الثاني أن يكون بمعنى حفظ الأقوال وتحصيلها ، ففي اللفظة حينئذ حذف مضاف تقديره : يحفظون أعماله ، ويكون هذا حينئذ من باب { واسأل القرية }{[6929]} [ يوسف : 82 ] وهذا قول ابن جريج .
وقوله : { من أمر الله } من جعل { يحفظونه } بمعنى يحرسونه كان معنى قوله : { من أمر الله } يراد به «المعقبات » ، فيكون في الآية تقديم وتأخير ، أي «له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ، ومن خلفه » قال أبو الفتح : ف { من أمر الله } في موضع رفع لأنه صفة لمرفوع وهي «المعقبات » .
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل هذا التأويل في قوله : { من أمر الله } مع التأويل الأول في { يحفظونه } .
ومن تأول الضمير في { له } عائد على العبد ، وجعل «المعقبات » الحرس ، وجعل الآية في رؤساء الكافرين - جعل قوله { من أمر الله } بمعنى يحفظونه بزعمه من قدر الله ، ويدفعونه في ظنه ، عنه ، ذلك لجهالته بالله تعالى .
قال القاضي أبو محمد : وبهذا التأويل جعلها المتأول في الكافرين . قال أبو الفتح : ف { من أمر الله } على هذا في موضع نصب ، كقولك حفظت زيداً من الأسد ، فمن الأسد معمول لحفظت وقال قتادة : معنى { من أمر الله } : بأمر الله ، أي يحفظونه مما أمر الله ، وهذا تحكم في التأويل ، وقال قوم : المعنى الحفظ من أمر الله ، وقد تقدم نحو هذا .
وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وعكرمة وجعفر بن محمد : «يحفظونه بأمر الله »{[6930]} .
ثم أخبر تعالى أنه لا يغير ما بقوم - بأن يعذبهم ويمتحنهم معاقباً - حتى يقع منهم تكسب للمعاصي وتغيير ما أمروا به من طاعة .
وهذا موضع تأمل لأنه يداخل هذا الخبر ما قررت الشريعة من أخذ العامة بذنوب الخاصة ، ومنه قوله تعالى : { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة }{[6931]} [ الأنفال : 25 ] ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم - وقد قيل له : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ - قال : «نعم إذا كثر الخبث »{[6932]} إلى أشياء كثيرة من هذا .
فقوله تعالى في هذه الآية : { لا يغير ما بقوم حتى يغيروا } معناه حتى يقع تغيير إما منهم وإما من الناظر إليهم أو ممن هو منهم بسبب ، كما غير الله تعالى بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم ، إلى غير هذا من أمثلة الشريعة .
فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير ، وثم أيضاً مصائب يريد الله بها أجر المصائب فتلك ليست تغييراً .
ثم أخبر تعالى أنه { إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له } ولا حفظ منه ، وهذا جرى في طريقة التنبيه على قدرة الله تعالى وإحاطته ، والسوء والخير بمنزلة واحدة في أنهما إذا أرادهما الله بعبد لم يردا ، لكنه خص السوء بالذكر ليكون في الآية تخويف ، واختلف القراء في - وال - فأماله بعضهم ولم يمله بعضهم ، والوالي الذي يلي أمر الإنسان كالولي هما من الولاية كعليم وعالم من العلم .
{ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله }
جملة { له معقبات } إلى آخرها ، يجوز أن تكون متصلة ب { من } الموصولة من قوله : { من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار } [ الرعد : 10 ] . على أن الجملة خبر ثانٍ عن { من أسر القول } وما عطف عليه .
والضمير في { له } والضمير المنصوب في { يحفظونه } ، وضميرا { من بين يديه ومن خلفه } جاءت مفردة لأن كلا منها عائد إلى أحد أصحاب تلك الصلات حيث إن ذكرهم ذكر أقسام من الذين جعلوا سواء في علم الله تعالى ، أي لكل من أسرّ القول ومنْ جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنّهار معقبات يحفظونه من غوائل تلك الأوقات .
ويجوز أن تتصل الجملة ب { من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار } [ الرعد : 10 ] ، وإفراد الضمير لمراعاة عطف صلة على صلة دون إعادة الموصول . والمعنى كالوجه الأول .
و ( المعقبات ) جمع معَقّبة بفتح العين وتشديد القاف مكسورة اسم فاعل عَقّبه إذا تبعه . وصيغة التفعيل فيه للمبالغة في العقب . يقال : عقبه إذا اتبعه واشتقاته من العقب يقال فكسر وهو اسم لمؤخّر الرجل فهو فَعِل مشتق من الاسم الجامد لأنّ الّذي يتبع غيره كأنّه يطأ على عقبه ، والمراد : ملائكة معقّبات . والواحد معقب .
وإنما جمع جمع مؤنث بتأويل الجماعات .
والحفظ : المراقبة ، ومنه سمي الرقيب حفيظاً . والمعنى : يراقبون كلّ أحد في أحواله من إسرار وإعلان ، وسكون وحركة ، أي في أحوال ذلك ، قال تعالى : { وإن عليكم لحافظين } [ الانفطار : 10 ] .
و { من بين يديه ومن خلفه } مستعمل في معنى الإحاطة من الجهات كلها .
وقوله : { من أمر الله } صفة { معقبات } ، أي جماعات من جند الله وأمره ، كقوله تعالى : { قل الروح من أمر ربي } [ الإسراء : 85 ] وقوله : { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } [ الشورى : 52 ] يعني القرآن .
ويجوز أن يكون الحفظ على الوجه الثاني مراداً به الوقاية والصيانة ، أي يحفظون من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، أي يقونه أضرار الليل من اللصوص وذوات السموم ، وأضرارَ النّهار نحو الزحام والقتال ، فيكون { من أمر الله } جاراً ومجروراً لغواً متعلقاً ب { يحفظونه } ، أي يقُونه من مخلوقات الله . وهذا منّة على العباد بلطف الله بهم وإلا لكان أدنى شيء يضر بهم . قال تعالى : { الله لطيف بعباده } [ سورة الشورى : 19 ] .
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } .
جملة معترضة بين الجمل المتقدمة المسوقة للاستدلال على عظيم قدرة الله تعالى وعلمه بمصنوعاته وبين التذكير بقوة قدرته وبين جملة { هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً } [ سورة الرعد : 12 ] . والمقصود تحذيرهم من الإصرار على الشّرك بتحذيرهم من حلول العقاب في الدنيا في مقابلة استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة ، ذلك أنهم كانوا في نعمة من العيش فبطروا النعمة وقابلوا دعوة الرسول بالهزء وعاملوا المؤمنين بالتّحقير { وقالوا لو نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] { وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا } [ المزمل : 11 ] .
فذكرهم الله بنعمته عليهم ونبههم إلى أنّ زوالها لا يكون إلاّ بسبب أعمالهم السيّئة بعد ما أنذرهم ودعاهم .
والتغيير : التبديل بالمُغاير ، فلا جرم أنه تديد لأولي النعمة من المشركين بأنهم قد تعرضوا لتغييرها . فما صدقُ ما الموصولة حالة ، والباء للملابسة ، أي حالة ملابسة لقوم ، أي حالة نعمة لأنها محل التحذير من التغيير ، وأما غيرها فتغييره مطلوب . وأطلق التغيير في قوله : { حتى يغيروا } على التسبب فيه على طريقة المجاز العقلي .
وجملة { وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له } تصريح بمفهوم الغاية المسْتفاد من { حتى يغيروا ما بأنفسهم } تأكيداً للتحذير . لأن المقام لكونه مقام خوف ووجل يقتضي التصريح دون التعريض ولا ما يقرب منه ، أي إذا أراد الله أن يغيّر ما بقوم حين يغيرون ما بأنفهسم لا يَردّ إرادته شيء . وذلك تحذير من الغرور أن يقولوا : سنسترسل على ما نحن فيه فإذا رأينا العذاب آمنا . وهذا كقوله : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس } [ سورة يونس : 98 ] الآية .
وجملة وما لهم من دونه من وال } زيادة في التحذير من الغرور لئلا يحسبوا أن أصنامهم شفعاؤهم عند الله .
والوالي : الذي يلي أمر أحد ، أي يشتغل بأمره اشتغال تدبير ونفع ، مشتق من ولي إذا قَرب ، وهو قرب ملابسة ومعالجة .
وقرأ الجمهور { من وال } بتنوين { وال } دون ياء في الوصل والوقف . وقرأه ابن كثير بياء بعد اللام وقفا فقط دون الوصل كما علمته في قوله تعالى { ومن يضلل الله فما له من هاد } في هذه السورة الرعد ( 33 ) .