بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ} (11)

{ لَهُ معقبات } قال ابن عباس : له حافظات { مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله } يعني : بأمر الله حتى ينتهوا به إلى المقادير . فإذا جاءت المقادير ، خلوا بينه وبين المقادير ، المعقبات يعني : الملائكة يعقب بعضهم بعضاً في الليل والنهار ، إذا مضى فريق خلفه بعده فريق . وروي عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، { لَهُ معقبات } قال : الملائكة يتعاقبون بالليل والنهار { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله } يعني : بأمر الله . ويقال : للمؤمن طاعات وصدقات { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله } أي : من عذاب الله عند الموت ، وفي القبر ، وفي يوم القيامة .

ثم قال : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ } يعني : لا يبدل ما بقوم من النعمة التي أنعمها عليهم { حتى يُغَيّرُواْ } يقول : يبدلوا { مَا بِأَنفُسِهِمْ } بترك الشكر . قال مقاتل : { إن الله لا يغير ما بقوم } بيعني : كفار مكة نظيرها في الأنفال . { ذلك بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا على قَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الأنفال : 53 ] ، إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ، وأطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، فلم يعرفوها ، فغيّر ما بهم ، فجعل ذلك لأهل المدينة . قال أبو الليث رحمه الله : في الآية تنبيه لجميع الخلق ، ليعرفوا نعمة الله عليهم ، ويشكروه ، لكيلا تزول عنهم النعم .

ثم قال تعالى : { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ } يعني : إذا أراد بهم عذاباً أو هلاكاً فلا مردّ لقضائه { وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ } يعني : ليس لهم من عذابه ولي ، ولا قريب يمنعهم ، ولا ملجأ يلجؤون إليه .