المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ} (27)

27- وأَعْلِم الناس - أيها النبي - أن الله فرض على المستطيعين منهم أن يقصدوا هذا البيت فيلبوا نداءَك ، ويأتون إليه مشاة وركباناً على إبل يُضَمِّرها السفر من كل مكان بعيد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ} (27)

25

ثم أمر الله عليه السلام - باني البيت - إذا فرغ من إقامته على الأساس الذي كلف به أن يؤذن في الناس بالحج ؛ وأن يدعوهم إلى بيت الله الحرام ووعده أن يلبي الناس دعوته ، فيتقاطرون على البيت من كل فج ، رجالا يسعون على أقدامهم ، وركوبا ( على كل ضامر )جهده السير فضمر من الجهد والجوع : ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) . .

وما يزال وعد الله يتحقق منذ إبراهيم - عليه السلام - إلى اليوم والغد . وما تزال أفئدة من الناس تهوى إلى البيت الحرام ؛ وترف إلى رؤيته والطواف به . . الغني القادر الذي يجد الظهر يركبه ووسيلة الركوب المختلفة تنقله ؛ والفقير المعدم الذي لا يجد إلا قدميه . وعشرات الألوف من هؤلاء يتقاطرون من فجاج الأرض البعيدة تلبية لدعوة الله التي أذن بها إبراهيم - عليه السلام - منذ آلاف الأعوام . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ} (27)

وقوله : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ } أي : ناد في الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه . فَذُكر أنه قال : يا رب ، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ فقيل : ناد وعلينا البلاغ .

فقام على مقامه ، وقيل : على الحجر ، وقيل : على الصفا ، وقيل : على أبي قُبَيس ، وقال : يا أيها الناس ، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه ، فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمَعَ مَن في الأرحام والأصلاب ، وأجابه كل شيء سمعه من حَجَر ومَدَر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة : " لبيك اللهم لبيك " .

هذا مضمون ما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جُبَير ، وغير واحد من السلف ، والله أعلم .

أوردها ابن جَرير ، وابن أبي حاتم مُطَوّلة{[20139]}-{[20140]} .

وقوله : { يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } قد يَستدلّ بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الحج ماشيا ، لمن قدر عليه ، أفضلُ من الحج راكبا ؛ لأنه قدمهم في الذكر ، فدل على الاهتمام بهم وقوة هممهم وشدة عزمهم ، والذي عليه الأكثرون أن الحج راكبا أفضل ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه حج راكبا مع كمال قوته ، عليه السلام .

وقوله : { يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ } يعني : طريق ، كما قال : { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا } [ الأنبياء : 31 ] .

وقوله : { عَمِيقٍ } أي : بعيد . قاله مجاهد ، وعطاء ، والسدي ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان ، والثوري ، وغير واحد .

وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبراهيم ، حيث قال في دعائه : { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلى رؤية الكعبة والطواف ، فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار .


[20139]:- في ف : "بطوله".
[20140]:- تفسير الطبري (17/106).