غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ} (27)

23

والظاهر أن الخطاب في { وأذن } لإبراهيم أيضاً أي ناد { في الناس } وهو أن يقول حجوا أو عليكم { بالحج } يروى أنه صعد أبا قبيس فقال : أيها الناس حجوا بيت ربكم ، قال مجاهد : فما حج إنسان ولا يحج إلى القيامة إلا وقد سمع ذلك النداء من في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فمن أجاب مرة حج مرة ومن أجاب أكثر فأكثر .

ولعل الفائدة في قوله { يأتوك } هي هذه لأن الإتيان إلى مكة بسبب ندائه إتيان إليه . وأيضاً هو أول من حج وغيره يقتدي به وكأنه يأتيه . وعن الحسن وهو اختيار أكثر العلماء المعتزلة أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه معطوف على " أذكر " مقدراً ، ثم إنه عام لجميع الناس أو خاص بمن حج معه في حجة الوداع قولان . وقيل : إنه ابتداء فرض الحج والرجال المشاة واحده راجل . وقوله { وعلى كل ضامر } حال آخر كأنه قيل رجالاً وركباناً . والضامر البعير المهزول لطول السفر . { ويأتين } صفة { لكل ضامر } لأنه في معنى الجمع . والفج الطريق الواسع وقد مر في السورة المتقدمة . والعميق البعيد ومثله معيق وبه قرأ ابن مسعود . وفي تقديم المشاة تشريف لهم . روى سعيد بن جبير بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الحاج الراكب له بكل خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة وللماشي سبعمائة من حسنات الحرم . قيل : يا رسول الله وما حسنات الحرم ؟ قال : الحسنة بمائة ألف حسنة " قال جار الله : نكر المنافع لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادات وقد كنى عن النحر والذبح بذكر اسم الله تعالى لأن المسلمين لا ينفكون عن التسمية إذا نحروا أو ذبحوا ، وفيه تنبيه على أن التسمية من الأغراض الأصلية المعتبرة خلاف ما كان يفعله المشركون من الذبح للنصب .

/خ41