الآية 27 : وقوله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } يحتمل وجهين :
أحدهما : على الإعلام ، أن أعلم الناس أن لله عليهم الحج بالبيت كقوله : { ولله على الناس حج البيت } الآية [ آل عمران : 97 ] .
والثاني : { وأذن في الناس بالحج } أي ادع الناس ، ونادهم أن يحجوا البيت .
قال [ أهل التأويل ]{[12995]} : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج ، فنادى ، فأسمع الله صوته ما بين المشرق والمغرب حتى أسمع صوته ونداءه من [ في ] {[12996]} أصلاب الرجال وأرحام النساء ، قالوا{[12997]} : لَبَّيْكَ ، ومن حج بيته فهو الذي أجاب إبراهيم لما ناداهم .
لكن لا يُعلم ذلك إلا بالخبر عن رسول الله أنه كان ما ذكروا ، وإلا فالسكوت{[12998]} عنه وعن مثله أولى .
وقالوا : إن قوله : { وأذن في الناس بالحج } موصول{[12999]} بقوله : { وإذ بوأنا لإبراهيم } الآية [ الحج : 26 ] .
وجائز أن يكون قوله : { وأذن في الناس بالحج } لرسول الله أو لكل رسول ، بُعث ، الأمر بذلك .
وقوله تعالى : { يأتوك رجالا } إي على الأرجل مشاة { وعلى كل ضامر } أي يضمر ، ويذهب سمنه ليبعد المضرب ، وهو ما ذكرنا : { يأتين من كل فج عميق } أي من كل طريق بعيد .
ثم قوله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } على الدعاء والأمر ، فيكون في قوله : { يأتوك رجالا } دلالة لزوم الحج على المشاة ؛ كأنه قال : أمرهم [ أن يحجوا ] {[13000]} مشاة على الأرجل وركبانا . وإن كان على الإعلام فهو على الوعد والجزاء يأتوك{[13001]} على الأرجل مشاة [ وعلى الدواب ركبانا ] {[13002]} .
وقوله تعالى : { يأتين من كل فج عميق } أضاف الإتيان إلى الدواب لأنه بالدواب يأتون ، فأضاف إليها لذلك ، والله أعلم .
وقال أبو عوسجة : { يحلون فيها } [ الحج : 23 ] من الحلي من الذهب والفضة . يقال : حليت المرأة أي اتخذت [ لها ] {[13003]} حليا . ويقال : حلي الشيء ، يحلى حلا إذا ما حسن . ويقال : حَلِيَ بعينه إذا حسن في عينه ، ويقال : حلا الشيء يحلو حلاوة ، فهو حلو ، ويقال : تَحَلَّيْتُ : إن شِئْتُ جعلته [ من الحلو ] {[13004]} أكلتُ حلاوته ، وإن شئت جعلته من الحلي .
[ ويقال : حليت الشيء ، وأحليته ، أي جعلته حلو ] {[13005]} . [ ويقال : ] {[13006]} حلأتُ الإبل عن الماء ، أي مَنَعْتُ .
وقال القتبي : { سواء العاكف فيه والباد } [ الحج : 25 ] العاكف أي المقيم ، والبادي ، هو ] {[13007]} الطارئ من البدو . وسواء فيه ؛ ليس المقيم فيه بأولى من النازع إليه . وقوله : { ومن يرد فيه بإلحاد } أي من يرد فيه إلحادا ، وهو الظلم والميل عن الحق ، فزيدت الباء كما يقال [ في ] {[13008]} : { تنبت بالدهن } [ المؤمنون : 20 ] وهو ما ذكرنا . وقوله : { وعلى كل ضامر } أي ركبانا [ أي على كل بعير ضامر ] {[13009]} من طول السفر { يأتين من كل فج عميق } أي بعيد غامض .
وقال أبو عوسجة : العاكف المقيم ، والبادي : من كان في البادية ، والإلحاد الميل عن الحق ، ومنه اشتق اللحد لحد القبر ، و{ على كل ضامر } أي على كل بعير ضامر أي خميص البطن و{[13010]} { يأتوك رجالا } يقول : رَجِلَ الرجُل يَرْجَلُ [ هم رَجْلَةُ ، وهو ] {[13011]} راجل ، والفج الطريق ، والعميق{[13012]} البعيد ، يقال : عمق أي بعد يعمق عمقا فهو عميق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.