ثم قال تعالى : { وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا }[ 25 ] .
أي : وناد يا إبراهيم الناس بالحج يأتوك رجالا{[46820]} وركبانا . ورجال : جمع راجل ، كقائم وقيام .
وقوله : { وعلى كل ضامر }[ 25 ] .
أي : ويأتوك على كل بعير ضامر قد أضمره بعد المسافة من كل فج عميق . والضامر{[46821]} : المهزول .
وقال : ( يأتين ) يريد به النوق . ولو قلت في الكلام : مررت بكل رجل قائمين ، حسن . فكان ( ضامرا ) في موضع ضوامر ولكن وحد ، لأن ( كل ) تدل على العموم ، والعموم والجمع متقاربان .
وروي أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى بالتأذين بالحج ، قام على مقامه ، فنادى : يا أيها الناس ، إن الله كتب عليكم الحج فحجوا بيته العتيق .
وقال ابن عباس{[46822]} : لما فرغ إبراهيم من بناء{[46823]} البيت ، قيل له : أذن في الناس بالحج . قال : يا رب ، وما{[46824]} .
وعن ابن عباس أيضا ومجاهد : {[46825]} أن إبراهيم لما نادى : أيها الناس ، كتب عليكم الحج أسمع من أصلاب الرجال ، وأرحام النساء ، فأجابه من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك .
وعن ابن عباس أيضا أنه قال : إن إبراهيم لما أمر أن{[46826]} يؤذن في الناس بالحج ، خفضت له الجبال ، رؤوسها ورفعت القرى فأذن في الناس . قال ابن عباس{[46827]} عنى بالناس هنا أهل القبلة ألم تسمعه قال : { إن أول بيت وضع للناس للذي بمكة مباركا وهدى }{[46828]} .
ثم قال : { ومن دخله كان آمنا }{[46829]} يقول : ومن دخله من الناس الذين أمر إبراهيم أن يؤذن فيهم فكتب عليهم الحج .
قال ابن عباس{[46830]} : { ياتوك رجالا } أي : مشاة . قال : وما آسى على شيء ، فإني آسى ألا أكون حججت ماشيا ، سمعت الله تعالى يقول : يأتوك رجالا .
وقال مجاهد{[46831]} : حج إبراهيم وإسماعيل ماشيين .
وقال ابن عباس{[46832]} : { وعلى كل ضامر } : الإبل .
قال مجاهد{[46833]} : كانوا لا يركبون ، فأنزل الله تعالى ذكره : { وعلى كل ضامر } فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب .
وقوله : { من كل فج عميق }[ 25 ] .
قال ابن عباس وقتادة{[46834]} : من كل مكان بعيد .
والظاهر في هذه الآية والخطاب – وعليه أكثر المفسرين – أن هذا كله خطاب لإبراهيم ، كان ومضى ، أخبرنا الله به .
وقيل{[46835]} : إن قوله تعالى : { أن لا تشرك بي شيئا } . . . - إلى – { والركع السجود } مخاطبة لإبراهيم ، وقوله : ( وأذن في الناس وما بعده ، خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . أي أعلمهم أن الحج فرض عليهم ، فيقف القاري على/ هذا القول ، على{[46836]} ( السجود ) ويبتدئ ( وأذن ) .
وقيل : إن قوله : { أن لا تشرك بي شيئا } وما بعده ، خطاب للنبي عليه السلام ، كله لأن القرآن عليه نزل ، وهو المخاطب به ، ولا يخرج عن مخاطبته إلى مخاطبة غيره إلا بتوقيف أو دليل قاطع . وأيضا فإن ( أن لا تشرك بي ) خطاب لشاهد ، وإبراهيم غائب ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، هو الشاهد الحاضر في وقت نزول القرآن ، فيكون المعنى : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ، فجعلنا ذلك من الدلائل على توحيد الله ، وعلى أن إبراهيم كان يعبد الله وحده ، فلا تشرك{[46837]} بي شيئا ، وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ، وأذن في الناس بالحج : أي : أعلمهم أنه فرض عليهم .
وقيل : أعلمهم أنك تحج حجة الوداع ليحجوا معك{[46838]} فيكون الوقف على هذا التأويل ( مكان البيت ) ويبتدئ في مخاطبة النبي عليه السلام{[46839]} ( أن لا تشرك ) أي وعهدنا إليك ألا تشرك بي شيئا .
ومن جعله كله خطابا لإبراهيم ، وقف على { كل ضامر } على أن يقطع ( يأتين ) مما قبله . قاله : نافع والأخفش ويعقوب ، وغيرهم{[46840]} .
والعمق في اللغة : البعد{[46841]} . ومنه بنو عميقة أي : بعيدة .
وقرأ عكرمة{[46842]} : يأتوك رجالا ، جعله جمع راجل ، أيضا مثل راكب وركاب ، ويقال أيضا : راجل ، {[46843]} ورجله ، {[46844]} وراجل ، ورجالة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.