إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ} (27)

{ وَأَذّن في الناس } أي نادِ فيهم . وقُرئ آذِن { بالحج } بدعوة الحجِّ ، والأمر به . رُوي أنَّه عليه السلام صعد أبا قُبيسٍ فقال : يا أيُّها النَّاسُ حجُّوا بيت ربِّكم فأسمعه اللَّهُ تعالى من في أصلاب الرِّجالِ وأرحام النِّساءِ فيما بين المشرقِ والمغربِ ممَّن سبق في علمه تعالى أنْ يحجَّ . وقيل الخطابُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، أُمر بذلك في حجَّةِ الوداع ويأباهُ كونُ السُّورةِ مكِّيةً { يَأْتُوكَ } جوابٌ للأمر { رِجَالاً } أي مُشاةً جمع راجلٍ كقيامٍ جمع قائمٍ . وقُرئ بضمِّ الرَّاءِ وتخفيفِ الجيمِ وتشديدِه ، ورجالى كعجالى { وعلى كُلّ ضَامِرٍ } عطفٌ على رِجالاً أي رُكباناً على كلِّ بغيرٍ مهزولٍ أتعبه بعدُ الشُّقِّةِ فهزله أو زادَ هزالُه . { يَأْتِينَ } صفةٌ لضامرٍ محمولة على المعنى . وقُرئ يأتُون على أنَّه صفةٌ للرِّجالِ والرُّكبانِ أو استئنافٌ فيكون الضَّميرُ للنَّاسِ { مِن كُلّ فَجّ } طريقٍ واسع { عَميِقٍ } بعيد . وقُرئ مُعيقٍ يقال بئرٌ بعيدة العُمقِ وبعيدةُ المُعقِ بمعنى ، كالجَذْبِ والجَبْذِ .