المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

91- قالوا : يا شعيب ما نعقل كثيراً مما تقوله لنا ، ونؤكد لك أننا نراك بيننا ضعيفاً لا قدرة لك على الدفاع ، وعلى الإقناع ، إن أردنا بك ما تكره ، ولولا مجاملتنا لعشيرتك ، لأنها على ديننا ، لقتلناك رجماً بالحجارة ، وما أنت علينا بعزيز حتى نجلَّك ونحترمك ونكرمك ونصونك عن القتل بالرجم ، وإنما هي المجاملة لعشيرتك تمنعنا عن قتلك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

84

ولكن القوم كانوا قد بلغوا من فساد القلوب ، ومن سوء تقدير القيم في الحياة ، وسوء التصور لدوافع العمل والسلوك ، ما كشف عنه تبجحهم من قبل بالسخرية والتكذيب :

( قالوا : يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ، وإنا لنراك فينا ضعيفا ، ولولا رهطك لرجمناك ، وما أنت علينا بعزيز ) . .

فهم ضيقو الصدور بالحق الواضح ، لا يريدون أن يدركوه :

( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ) . .

وهم يقيسون القيم في الحياة بمقياس القوة المادية الظاهرة :

( وإنا لنراك فينا ضعيفا ) . .

فلا وزن عندهم للحقيقة القوية التي يحملها ويواجههم بها .

( ولولا رهطك لرجمناك ) . .

ففي حسابهم عصبية العشيرة ، لا عصبية الاعتقاد ، وصلة الدم لا صلة القلب . ثم هم يغفلون عن غيرة الله على أوليائه فلا يضعونها في الحساب .

( وما أنت علينا بعزيز ) . .

لا عزة التقدير والكرامة ولا عزة الغلب والقهر . ولكننا نحسب حساب الأهل والعشيرة !

وحين تفرغ النفوس من العقيدة القويمة والقيم الرفيعة والمثل العالية ؛ فإنها تقبع على الأرض ومصالحها القريبة وقيمها الدنيا ؛ فلا ترى حرمة يومئذ لدعوة كريمة ، ولا لحقيقة كبيرة ؛ ولا تتحرج عن البطش بالداعية إلا أن تكون له عصبة تؤويه ؛ وإلا أن تكون معه قوة مادية تحميه . أما حرمة العقيدة والحق والدعوة فلا وزن لها ولا ظل في تلك النفوس الفارغة الخاوية .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قالوا يا شعيب ما نفقه}، يعني: ما نعقل، {كثيرا مما تقول} لنا من التوحيد، ومن وفاء الكيل والميزان، {وإنا لنراك فينا ضعيفا}، يعني: ذليلا لا قوة لك ولا حيلة، {ولولا رهطك لرجمناك}، يعني: عشيرتك وأقرباءك لقتلناك، {وما أنت علينا}، يعني: عندنا {بعزيز}، يعني: بعظيم... يقولون: أنت علينا هين.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب لشعيب: {يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيرا مِمّا تَقُول}، أي: ما نعلم حقيقة كثير مما تقول وتخبرنا به.

{وَإنّا لَنَرَاك فِينا ضَعِيفا}...

{وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ}، يقول: يقولون: ولولا أنت في عشيرتك وقومك لرجمناك، يعنون: لسببناك. وقال بعضهم: معناه: لقتلناك.

{وَما أنْتَ عَلَيْنا بعَزيزٍ}، يعنون: ما أنت ممن يكرم علينا، فيعظم علينا إذلاله وهَوَانُه، بل ذلك علينا هَين.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

(قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) قوله: (ما نفقه) يحتمل ما نفهم (كثيرا) مما تقول لأن كلامك كلام مجانين، وهذه هي عادة القوم؛ كانوا ينسبون الرسل إلى الجنون...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

... الفقه: فهم الكلام على ما تضمن من المعنى...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{مَا نَفْقَهُ}: ما نفهم {كَثِيرًا مّمَّا تَقُولُ} لأنهم كانوا لا يلقون إليه أذهانهم رغبة عنه وكراهية له، كقوله: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: 25]. أو كانوا يفقهونه ولكنهم لم يقبلوه، فكأنهم لم يفقهوه. وقالوا ذلك على وجه الاستهانة به، كما يقول الرجل لصاحبه إذا لم يعبأ بحديثه: ما أدري ما تقول، أو جعلوا كلامه هذياناً وتخليطاً لا ينفعهم كثير منه، وكيف لا ينفعهم كلامه وهو خطيب الأنبياء.

{فِينَا ضَعِيفًا} لا قوة لك ولا عز فيما بيننا، فلا تقدر على الامتناع منا إن أردنا بك مكروهاً... ولذلك قللوا قومه حيث جعلوهم رهطاً، والرهط: من الثلاثة إلى العشرة. وقيل: إلى السبعة...

وإنما قالوا: ولولا هم، احتراماً لهم واعتداداً بهم؛ لأنهم كانوا على ملتهم، لا خوفا من شوكتهم وعزتهم

{لرجمناك}: لقتلناك شرّ قتلة. {وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} أي لا تعزّ علينا ولا تكرم، حتى نكرمك من القتل ونرفعك عن الرجم، وإنما يعزّ علينا رهطك، لأنهم من أهل ديننا لم يختاروك علينا ولم يتبعوك دوننا...

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

{وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} فيه قولان:...

والثاني: بممتنع أن نقتلك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فلما رأوه لا ينزع عنهم ولم يقدروا لكلامه على جواب، أيأسوه من الرجوع إليه بأن أنزلوا أنفسهم عناداً في الفهم لهذا الكلام الواضح جداً إلى عداد البهائم، وهددوه فأخبر تعالى عنهم بذلك استئنافاً في جواب من يقول: ما قالوا بعد هذا الدعاء الحسن؟ بقوله: {قالوا يا شعيب} منادين له باسمه جفاء وغلظة {ما نفقه} أي الآن لأن "ما "تخص بالحال {كثيراً مما تقول} وإذا لم يفهم الكثير من الكلام لم يفهم مقصوده، يعنون: خفض عليك واترك كلامك فإنا لا نفهمه تهاوناً به كما يقول الإنسان لخصمه إذا نسبه إلى الهذيان: أنا لا أدري ما تقول، ولما كان غرضهم مع العناد قطع الأمر، خصواً عدم الفهم بالكثير ليكون أقرب إلى الإمكان، وكأنهم -والله أعلم- أشاروا إلى أنه كلام غير منتظم فلا حاصل له ولا لمضمونه وجود في الخارج...

ولما كان في ذلك إشارة إلى أنه ضعيف العقل لأن كلامه مثل كلام المجانين، أتبعوه قولهم: {وإنا لنراك} أي رؤية مجددة مستمرة {فينا ضعيفاً} أي في البدن وغيره، فلا تتعرض لسخطنا فإنك لا تقدر على الامتناع من مكروه نحله بك بقوة عقل ولا جسم ولا عشيرة، وأشاروا إلى ضعف العشيرة بتعبيرهم بالرهط في قولهم: {ولولا رهطك لرجمناك} أي قتلناك شر قتلة -فإن الرهط من ثلاثة إلى عشرة وأكثر ما قيل: إن فخذه أربعون- فما أنت علينا بممتنع لضعفك وقلة قومك {وما أنت} أي خاصة، لأن "ما" لنفي الحال اختصاص بالزمان، والقياس أن يكون مدخولها فعلاً أو شبهه، وحيث أوليت الاسم لا سيما الضمير دل على أن التقديم للاهتمام والاختصاص {علينا بعزيز} بكريم مودود، تقول: أعززت فلاناً -إذا كان له عندك ود، بل قومك هم الأعزة عندنا لموافقتهم لنا، ولو كان المراد: ما عززت علينا، لكان الجواب: لم لا أعز وقد شرفني الله- أو نحو هذا، ويصح أن يراد بالعزيز القوي الممتنع، ويصير إفهامه لامتناع رهطه محمولاً على أن المانع لهم موافقتهم لهم لا قوتهم...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

الفِقهُ: غرض المتكلّم من كلامه، أي ما نفهم مرادَك، وإنما قالوه بعد ما سمعوا منه دلائلَ الحقِّ المبينِ على أحسن وجهٍ وأبلغِه وضاقت عليهم الحيلُ وعيّتْ بهم العلل، فلم يجدوا إلى محاورته سبيلاً سوى الصدودِ عن منهاج الحقِّ والسلوكِ إلى سبيل الشقاءِ كما هو ديدَنُ المُفحَمِ المحجوجِ يقابل البيناتِ بالسبّ والإبراق والإرعاد، فجعلوا كلامَه المشتملَ على فنون الحِكَم والمواعظِ وأنواعِ العلومِ والمعارفِ من قبيل ما لا يُفقه معناه ولا يُدرك فحواه وأدمجوا في ضمن ذلك أن في تضاعيفه ما يستوجب أقصى ما يكون من المؤاخذة والعقاب، ولعل ذلك ما فيه من التحذير من عواقب الأممِ السالفة ولذلك قالوا: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا} فيما بيننا {ضَعِيفاً} لا قوة لك ولا قدرةَ على شيء من الضر والنفعِ والإيقاعِ والدفع... كان غرضُهم من عظيمتهم هذه عائداً إلى نفي ما فيه عليه السلام من القوة والعزةِ الربّانيّتين حسبما يوجبه كونُه على بينة من ربه مؤيَّداً من عنده ويقتضيه قضيةُ طلبِ التوفيقِ منه والتوكلِ عليه والإنابةِ إليه وإلى إسقاط ذلك كلِّه عن درجة الاعتدادِ به والاعتبار...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول} حققنا في تفسير سورة الأعراف أن الفقه في اللغة أخص من الفهم والعلم، وهو الفهم الدقيق العميق المؤثر في النفس الباعث على العمل، أي ما نفقه كثيرا مما ترمي مما وراء ظواهر أقوالك من بواطنها وتأويلها، كبطلان عبادة آلهتنا، وقبح حرية التصرف في أموالنا، وعذاب محيط يبيدنا، وإصابتنا بمثل الأحداث الجوية التي نزلت بمن قبلنا، كأن أمرها بيدك وتصرفك أو تصرف ربك، يصيب بها من تشاء أو يشاء لأجلك. {وإنا لنراك فينا ضعيفا} لا حول ولا قوة تمتنع بها منا إن أردنا أن نبطش بك، وأنت على ضعفك تنذرنا العذاب المحيط الذي لا يفلت منه أحد...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ولكن القوم كانوا قد بلغوا من فساد القلوب، ومن سوء تقدير القيم في الحياة، وسوء التصور لدوافع العمل والسلوك، ما كشف عنه تبجحهم من قبل بالسخرية والتكذيب: (قالوا: يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفا، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز).. فهم ضيقو الصدور بالحق الواضح، لا يريدون أن يدركوه: (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول).. وهم يقيسون القيم في الحياة بمقياس القوة المادية الظاهرة: (وإنا لنراك فينا ضعيفا).. فلا وزن عندهم للحقيقة القوية التي يحملها ويواجههم بها. (ولولا رهطك لرجمناك).. ففي حسابهم عصبية العشيرة، لا عصبية الاعتقاد، وصلة الدم لا صلة القلب. ثم هم يغفلون عن غيرة الله على أوليائه فلا يضعونها في الحساب. (وما أنت علينا بعزيز).. لا عزة التقدير والكرامة ولا عزة الغلب والقهر. ولكننا نحسب حساب الأهل والعشيرة! وحين تفرغ النفوس من العقيدة القويمة والقيم الرفيعة والمثل العالية؛ فإنها تقبع على الأرض ومصالحها القريبة وقيمها الدنيا؛ فلا ترى حرمة يومئذ لدعوة كريمة، ولا لحقيقة كبيرة؛ ولا تتحرج عن البطش بالداعية إلا أن تكون له عصبة تؤويه؛ وإلا أن تكون معه قوة مادية تحميه. أما حرمة العقيدة والحق والدعوة فلا وزن لها ولا ظل في تلك النفوس الفارغة الخاوية...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ومرادهم من هذا يحتمل أن يكون قصد المباهتة كما حكى الله عن المشركين {وقالوا قلوبنا في أكنةٍ ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقْرٌ} [فصلت: 5] وقوله عن اليهود: {وقالوا قلوبنا غلفٌ} [البقرة: 88]. ويجوز أن يكون المراد ما نتعقّله لأنه عندهم كالمحال لمخالفته ما يألفون، كما حكى الله عن غيرهم بقوله: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيءٌ عجابٌ} [ص: 5]، وليس المراد عدم فهم كلامه لأنّ شعيباً عليه السّلام كان مقوالاً فصيحاً، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه خطيب الأنبياء. فالمعنى: أنك تقول مَا لاَ نصدق به. وهذا مقدمة لإدانته واستحقاقه الذم والعقاب عندهم في قولهم: {ولولا رهطك لرجمناك}، ولذلك عطفوا عليه {وإنّا لنراك فينا ضعيفاً} أي وإنّك فينا لضعيف، أي غير ذي قوّة ولا منعة. فالمراد الضعف عن المدافعة إذا راموا أذَاهُ وذلك ممّا يُرى لأنّه تُرى دلائله وسماته. وذكر فعل الرؤية هنا للتّحقيق، كما تقدّم في قوله تعالى: {ما نراك إلاّ بشراً مثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الذين هم أراذلنا} [هود: 27] بحيث نزّلوه منزلة من تُظنون أنهم لا يرون ذلك بأبصارهم فصرحوا بفعل الرؤية. وأكّدوه بِ (إنّ) وَلاَم الابتداء مبالغة في تنزيله منزلة من يجهل أنهم يعلمون ذلك فيه، أوْ مَنْ ينكر ذلك...

وعطفوا على هذا قولهم: {وَلَوْلاَ رهطك لرجمناك} وهو المقصود ممّا مُهّد إليه من المقدمات، أي لا يصدّنا عن رجمك شيء إلاّ مكان رهطك فينا، لأنك أوجبت رجمك بطعنك في ديننا...

وجملة {وما أنت علينا بعزيز} مؤكدة لمضمون {ولولا رهطك لرجمناك} لأنّه إذا انتفى كونه قويّاً في نفوسهم تعيّن أن كفّهم عن رجمه مع استحقاقه إيّاه في اعتقادهم ما كان إلاّ لأجل إكرامهم رهطَه لا للخوف منهم...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

التّهديدات المتبادلة بين شعيب وقومه:

إِنّ شعيباً هذا النّبي العظيم الذي لُقِّبَ بخطيب الأنبياء لخطبته المعروفة والواضحة، والتي كانت أفضل دليل أمين للحياة المادّية والمعنوية لهذه الجماعة، واصل محاججته لقومه بالصبر والأناة والقلب المحترق، ولكن تعالوا لنرى كيف ردّ عليه هؤلاء القوم الضالون؟! لقد أجابوه بأربع جمل كلّها تحكي عن جهلهم ولجاجتهم:

فأوّلها: أنّهم قالوا: (يا شعيب ما نفقه كثيراً ممّا تقول)... فكلامك أساساً ليس فيه أوّل ولا آخر، وليس فيه محتوى ولا منطق قيم لنفكر فيه ونتدبره وليس لديك شيء نجعله ملاكاً لعملنا، فلا ترهق نفسك أكثر! وامض إلى قوم غيرنا...

والثّانية: قولهم (وإِنّا لنراك فينا ضعيفاً) فإذا كنت تتصور أنّك تستطيع إثبات كلماتك غير المنطقية بالقدرة والقوّة فأنت غارق في الوهم.

والثّالثة: هي أنّه لا تظنّ أنّنا نتردد في القضاء عليك بأبشع صورة خوفاً منك ومن بأسك، ولكن احترامنا لعشيرتك هو الذي يمنعنا من ذلك (ولولا رهطك لرجمناك)! والطريف أنّهم عبّروا عن قبيلة شعيب: ب «الرّهط» وهذه الكلمة تطلق في لغة العرب على الجماعة التي مجموع أنصارها ثلاثة إلى سبعة، أو عشرة، أو على قول. وهو الحدّ الأكثر تطلق على أربعين نفراً. وهم يشيرون بذلك إلى أنّ قبيلتك لا تتمتع بالقوة الكافية مقابل قوتنا، ولكن تمنعنا أمور أُخرى، وهذا يشبه قول القائل: لولا هؤلاء الأربعة من قومك وأُسرتك لأعطيناك جزاءك بيدك. في حين أنّ قومه وأسرته ليسوا بأربعة، بل المراد بيان هذه المسألة، وهي أنّهم لا أهمية لقدرتهم في نظر القائل.

(وما أنت علينا بعزيز) فمهما كانت منزلتك في عشيرتك، ومهما كنت كبيراً في قبيلتك إِلاّ أنّه لا منزلة لك عندنا لسلوكك المخالف والمرفوض...