بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

قوله تعالى : { قَالُواْ يا شُعَيْبٌ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مّمَّا تَقُولُ } يعني : لا نعقل ما تدعونا إليه ، من التوحيد ، ومن وفاء الكيل والوزن . يعنون : إنك تدعونا إلى شيء ، خلاف ما كنا عليه وآباؤنا ، { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا } يعني : ومع ذلك أنت ضعيف فينا . وقال مقاتل : يعني : ذليلاً لا قوة لك ، ولا حيلة . وقال الكلبي : يعني : ضرير البصر . ويقال : إنه ذهب بصره من كثرة بكائه من خشية الله تعالى ، ويقال : وحيداً لم يوافقك من عظمائنا أحد . { وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك } يعني : لولا عشيرتك لقتلناك ، لأنهم كانوا يقتلون رجماً . وقال القتبي : أصل الرجم : الرمي . كقوله : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السمآء الدنيا بمصابيح وجعلناها رُجُوماً للشياطين وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير } [ الملك : 5 ] ثم قد يستعار ويوضع موضع الشتم إذ الشتم رَمْيٌ ، كقوله : { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِى ياإبراهيم لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ واهجرنى مَلِيّاً } [ مريم : 46 ] يعني : لأشتمنك . ويوضع موضع الظن ، كقوله : { سَيَقُولُونَ ثلاثة رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بالغيب وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل ربى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظاهرا وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 22 ] أي ظناً .

والرجم أيضاً : الطرد واللعن ، وقيل للشيطان رجيم : لأنه طريد يرجم بالكواكب . وقد يوضع الرجم موضع القتل ، لأنهم كانوا يقتلون بالرجم . ولأن ابن آدم قتل أخاه بالحجارة . فلما كان أول القتل رجماً ، سمي القتل رجماً ، وإن لم يكن بالحجارة .

ثم قالوا { وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } يعني : بكريم ، ويقال : بعظيم ، يعني : لا خطر لك عندنا لولا حرمة عشيرتك . ويقال : ما قتلك علينا بشديد .