غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

84

ولما بالغ خطيب الأنبياء في التقرير والبيان { قالوا يا شعيب ما نفقهُ كثيراً مما تقول } إما لقلة الرغبة أو قالوا تهكماً واستهانة كما يقول الرجل لصاحبه إذا لم يعبأ بحديثه : ما أدري ما تقول . كأنهم جعلوا كلامه تخليطاً وهذياناً لا ينفعهم كثير منه . وقيل : لأنه كان ألثغ { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } عن الحسن : مهينا أي لا عزة لك فيما بيننا ولا قوة فلا تقدر على الامتناع منا إن أردنا بك مكروهاً . وفسر بعضهم الضعيف بالأعمى لأن العمى سبب الضعف ، أو لأنه لغة حمير . وزيف هذا القول أما عند من جوز العمى على الأنبياء فلأن لفظة { فينا } يأباه لأن الأعمى فيهم وفي غيرهم ، وأما عند من لا يجوزه - كبعض المعتزلة - فلأن الأعمى لا يمكنه الاحتراز من النجاسات وأنه يخل بجواز كونه حاكماً وشاهداً ، فلأن يمنع من النبوة كان أولى .

ثم ذكروا أنهم إنما لم يريدوا به المكروه ولم يوقعوا به الشر لأجل رهطه - والرهط من الثلاثة إلى العشرة وقيل إلى السبعة - والرجم شر القتل وهو الرمي بالحجارة ، أو المراد الطرد والإبعاد ومنه الشيطان الرجيم . ثم أكدوا المذكور بقولهم { وما أنت علينا بعزيز } وإنما العزيز علينا رهطك لا خوفاً من شوكتهم ولكن لأنهم من أهل ديننا ، فالكلام واقع في فاعل العز لا في الفعل وهو العز ولذلك قال في جوابهم { أرهطي أعز عليكم من الله } .

/خ102