لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

{ قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول } يعني ما نفهم ما تدعونا إليه وذلك أن الله سبحانه وتعالى ختم على قلوبهم فصارت لا تعي ولا تفهم ما ينفعها وإن كانوا في الظاهر يسمعون ويفهمون { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال ابن عباس وقتادة : كان أعمى ، قال الزجاج : ويقال إن حمير كانوا يسمون المكفوف ضعيفاً وقال الحسن وأبو روق ومقاتل : يعني ذليلاً ، قال أبو روق : إن الله سبحانه وتعالى لم يبعث نبياً أعمى ولا نبياً به زمانة ، وقيل : كان ضعيف البصر وقيل المراد بالضعف العجز عن الكسب والتصرف وقيل هو الذي يتعذر عليه المنع عن نفسه ويدل على صحة هذا القول ما بعده وهو قوله { ولولا رهطك } يعني جماعتك وعشيرتك قيل الرهط ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : إلى السبعة { لرجمناك } يعني لقتلناك بالحجارة والرجم أسوأ القتلات وشرها ، وقيل : معناه لشتمناك وأغلظنا لك القول { وما أنت علينا بعزيز } يعني بكريم وقيل بممتنع منا والمقصود من هذا الكلام وحاصله أنهم بينوا لشعيب عليه السلام أنه لا حرمة له عندهم ولا في صدورهم وأنهم إنما لم يقتلوه ولم يسمعوه الكلام الغليظ الفاحش لأجل احترامهم رهطه وعشيرته وذلك لأنهم كانوا على دينهم وملتهم ولما قالوا لشعيب عليه السلام هذه المقالة أجابهم بقوله { قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله } .