محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ مَا نَفۡقَهُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَىٰكَ فِينَا ضَعِيفٗاۖ وَلَوۡلَا رَهۡطُكَ لَرَجَمۡنَٰكَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡنَا بِعَزِيزٖ} (91)

[ 91 ] { قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز91 } .

{ قالوا يا شعيب ما نفقه } أي ما نفهم { كثيرا مما تقول } كالتوحيد وحرمة البخس . يعنون أنهم لا يقبلونه ، أو قالوا ذلك استهانة به ، كما يقول الرجل لمن لا يعبأ بحديثه : ما أدري ما تقول ! أو جعلوا كلامه هذيانا وتخليطا لا ينفعهم كثير منه . و ( الكثير ) مراد به الكل . أو قالوه فرارا من المكابرة .

قال أبو السعود : الفقه معرفة غرض المتكلم من كلامه ، أي : ما نفهم مرادك . وإنما قالوه بعدما سمعوا منه دلائل الحق البين على أحسن وجه وأبلغه ، وضاقت عليهم الحيل ، فلم يجدوا إلى محاورته سبيلا ، سوى الصدود عن منهاج الحق ، والسلوك إلى سبيل الشقاء ، كما هو دين المفحم المحجوج ، يقابل البينات بالسب والإبراق والإرعاد . فجعلوا كلامه المشتمل على فنون الحكم والمواعظ ، وأنواع العلوم والمعارف . من قبيل ما لا يفهم معناه ، ولا يدرك فحواه وأدمجوا في ضمن ذلك أن في تضاعيفه ما يستوجب أقصى ما يكون من / المؤاخذة والعقاب . ولعل ذلك ما فيه من التحذير من عواقب الأمم السالفة ، ولذلك قالوا :

{ وإنا لنراك فينا ضعيفا } أي لا قوة لك ، فتمتنع منا إن أردنا بك سوءا { ولولا رهطك } أي قومك وأنهم على ملتنا { لرجمناك } أي قتلناك برمي الأحجار ، أو شر قتلة { وما أنت علينا بعزيز } أي لا تعز علينا ولا تكرم ، حتى نكرمك ونمنعك من الرجم .