المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

70- فبعد أن أكرم وفادتهم ، وكالهم الطعام ، وزادهم حملا لأخيه ، أعد رحالهم للسفر ، ثم أمر أعوانه أن يدسوا إناء شرب الماء في حمل بنيامين ، ثم نادى أحد أعوان يوسف : - أيها الركب القافلون بأحمالكم - قفوا إنكم لسارقون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

ومن ثم جعله السياق أول عمل لأنه كان أول خاطر . وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العجيب ! ويطوي السياق كذلك فترة الضيافة ، وما دار فيها بين يوسف وإخوته ، ليعرض مشهد الرحيل الأخير . فنطلع على تدبير يوسف ليحتفظ بأخيه ، ريثما يتلقى إخوته درسا أو دروسا ضرورية لهم ، وضرورية للناس في كل زمان ومكان :

( فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ؛ ثم أذن مؤذن : أيتها العير إنكم لسارقون . قالوا - وأقبلوا عليهم - ماذا تفقدون ؟ قالوا : نفقد صواع الملك ، ولمن جاء به حمل بعير ، وأنا به زعيم . قالوا : تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ، وما كنا سارقين . قالوا : فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ؟ قالوا : جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ، كذلك نجزي الظالمين . فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه - كذلك كدنا ليوسف ، ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ، إلا أن يشاء الله ، نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم - قالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل . فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم . قال : أنتم شر مكانا . والله أعلم بما تصفون . قالوا : يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا ، فخذ أحدنا مكانه ، إنا نراك من المحسنين . قال : معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده . إنا إذن لظالمون ) . .

وهو مشهد مثير ، حافل بالحركات والانفعالات والمفاجآت ، كأشد ما تكون المشاهد حيوية وحركة وانفعالا ، غير أن هذا صورة من الواقع يعرضها التعبير القرآني هذا العرض الحي الأخاذ .

فمن وراء الستار يدس يوسف كأس الملك - وهي عادة من الذهب - وقيل : إنها كانت تستخدم للشراب ، ويستخدم قعرها الداخل المجوف من الناحية الأخرى في كيل القمح ، لندرته وعزته في تلك المجاعة . يدسها في الرحل المخصص لأخيه ، تنفيذا لتدبير خاص ألهمه الله له وسنعلمه بعد قليل .

ثم ينادي مناد بصوت مرتفع ، في صيغة إعلان عام ، وهم منصرفون :

( أيتها العير إنكم لسارقون ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا جَهّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمّ أَذّنَ مُؤَذّنٌ أَيّتُهَا الْعِيرُ إِنّكُمْ لَسَارِقُونَ } .

يقول : ولما حمّل يوسف إبل إخوته ما حَملها من الميرة وقضى حاجتهم ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَلَمّا جَهّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ يقول : لما قضى لهم حاجتهم ووفاهم كيلهم .

وقوله : جَعَلَ السّقايَةَ في رَحْلِ أخِيهِ يقول : جعل الإناء الذي يكيل به الطعام في رحل أخيه . والسقاية : هي المشربة ، وهي الإناء الذي كان يشرب فيه الملك ويكيل به الطعام .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا عبد الواحد ، عن يونس ، عن الحسن أنه كان يقول : الصّواع والسقاية سواء ، هو الإناء الذي يشرب فيه .

قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : السقاية والصّواع شيء واحد ، كان يشرب فيه يوسف .

قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : السقاية الصّواع الذي يشرب فيه يوسف .

حدثنا محمد بن الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : جَعَلَ السّقَايَةَ قال : مَشْرَبة الملك .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : السّقَايَةَ فِي رَحْلِ أخِيهِ وهو إناء الملك الذي كان يشرب فيه .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلكِ ولِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وهي السقاية التي كان يشرب فيها الملك يعني مَكّوكه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : جَعَلَ السّقَايَةَ وقوله : صُوَاعَ المَلِكِ قال : هما شيء واحد ، السقاية والصواع شيء واحد يشرب فيه يوسف .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : جَعَلَ السّقايَةَ فِي رَحْلِ أخِيهِ : هو الإناء الذي كان يشرب فيه الملك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : جَعَلَ السّقَايَةَ فِي رَحْلِ أخِيهِ قال : السقاية : هو الصّواع ، وكان كأسا من ذهب فيما يذكرون .

قوله : فِي رَحْلِ أخِيهِ فإنه يعني : في متاع أخيه ابن أمه وأبيه وهو بنيامين ، وكذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : فِي رَحْلِ أخِيهِ : أي في متاع أخيه .

وقوله : ثُمّ أذّنَ مُؤَذّنٌ يقول : ثم نادى مناد ، وقيل : أعلم مُعْلِم ، أيّتُها العِيرُ : وهي القافلة فيها الأحمال إنّكُمْ لَسارِقُونَ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : فَلَمّا جَهّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السّقَايَةَ فِي رَحْلِ أخِيهِ والأخ لا يشعر ، فلما ارتحلوا أذّن مؤذّن قبل أن ترتحل العير : إنّكُمْ لَسارِقُونَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثم جهزهم بجهازهم ، وأكرمهم وأعطاهم وأوفاهم ، وحمل لهم بعيرا بعيرا ، وحمل لأخيه بعيرا باسمه كما حمل لهم ، ثم أمر بسقاية الملك ، وهو الصواع ، وزعموا أنها كانت من فضة ، فجُعلت في رحل أخيه بنيامين . ثم أمهلهم حتى إذا انطلقوا وأمعنوا من القرية ، أمر بهم فأُدركوا ، فاحتُبِسوا ، ثم نادى مناد : أيّتُها العيرُ إنّكُمْ لَسارِقُونَ قفوا وانتهى إليهم رسوله ، فقال لهم فيما يذكرون : ألم نكرم ضيافتكم ، ونوفكم كيلكم ، ونحسن منزلتكم ، ونفعل بكم ما لم نفعل بغيركم ، وأدخلناكم علينا في بيوتنا ومنازلنا ؟ أو كما قال لهم ، قالوا : بلى ، وما ذاك ؟ قال : سِقاية الملك فقدناها ، ولا نتهم عليها غيركم . قالوا تالله لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ وَما كُنّا سارِقِينَ .

وقوله : أيّتُها العِيرُ قد بيّنا فيما مضى معنى العِير ، وهو جمع لا واحد له من لفظه . وحُكي عن مجاهد أن عِير بني يعقوب كانت حَمِيرا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : أيّتُها العِيرُ قال : كانت حميرا .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، قال : ثني رجل ، عن مجاهد ، في قوله : أيّتُها العِيرُ إنّكُمْ لسَارِقُونَ قال : كانت العِير حميرا .