المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

97- واقترب الموعود به الذي لابد من تحققه وهو يوم القيامة ، فيفاجأ الذين كفروا بأبصارهم لا تغمض أبداً من شدة الهول ، فيصيحون قائلين : يا خوفنا من هلاكنا ، ويا حسرتنا علي ما قدمنا ، قد كنا في غفلة من هذا اليوم ، بل كنا ظالمين لأنفسنا بالكفر والعناد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

93

وقد قلنا من قبل عند الكلام على يأجوج ومأجوج في قصة ذي القرنين في سورة الكهف : اقتراب الوعد الحق الذي يقرنه السياق بفتح يأجوج ومأجوج ، ربما يكون قد وقع بانسياح التتار وتدفقهم شرقا وغربا ، وتحطيم الممالك والعروش . . لأن القرآن قد قال منذ أيام الرسول [ ص ] ( اقتربت الساعة ) . غير أن اقتراب الوعد الحق لا يحدد زمانا معينا للساعة . فحساب الزمن في تقدير الله غيره في تقدير البشر ، ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) .

إنما المقصود هنا هو وصف ذلك اليوم حين يجيء ، والتقديم له بصورة مصغرة من مشاهد الأرض ، هي تدفق يأجوج ومأجوج من كل حدب في سرعة واضطراب . على طريقة القرآن الكريم في الاستعانة بمشاهدات البشر والترقي بهم من تصوراتهم الأرضية إلى المشاهد الأخروية .

وفي المشهد المعروض هنا يبرز عنصر المفاجأة التي تبهت المفجوئين !

( فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ) . .

لا تطرف من الهول الذي فوجئوا به . ويقدم في التعبير كلمة( شاخصة )لترسم المشهد وتبرزه !

ثم يميل السياق عن حكاية حالهم إلى إبرازهم يتكلمون ، وبذلك يحيي المشهد ويستحضره :

( يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا ، بل كنا ظالمين ) . .

وهو تفجع المفجوء الذي تنكشف له الحقيقة المروعة بغتة ؛ فيذهل ويشخص بصره فلا يطرف ، ويدعو بالويل والهلاك ، ويعترف ويندم ، ولكن بعد فوات الأوان !