المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡمُسۡرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (12)

12- وإذا أصاب الإنسان ضر في نفسه أو ماله أو نحو ذلك ، أحس بضعفه ودعا ربه على أي حال من حالاته ، مضطجعاً أو قاعداً أو قائماً ، أن يكشف ما نزل به من محنته ، فلما استجاب الله له ، فكشف عنه ضره ، انصرف عن جانب الله واستمر على عصيانه ، ونسى فضل الله عليه ، كأنه لم يصبه ضر ولم يدع الله إلى كشفه ، وكمثل هذا المسلك زيَّن الشيطان للكافرين ما عملوا من سوء وما اقترفوا من باطل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡمُسۡرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (12)

{ 12 } { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

وهذا إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو ، وأنه إذا مسه ضر ، من مرض أو مصيبة اجتهد في الدعاء ، وسأل الله في جميع أحواله ، قائما وقاعدا ومضطجعا ، وألح في الدعاء ليكشف الله عنه ضره .

{ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ } أي : استمر في غفلته معرضا عن ربه ، كأنه ما جاءه ضره ، فكشفه الله عنه ، فأي ظلم أعظم من هذا الظلم ؟ " يطلب من الله قضاء غرضه ، فإذا أناله إياه لم ينظر إلى حق ربه ، وكأنه ليس عليه لله حق . وهذا تزيين من الشيطان ، زين له ما كان مستهجنا مستقبحا في العقول والفطر .

{ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي : المتجاوزين للحد { مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡمُسۡرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (12)

يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسه الضر ، كقوله : { وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ } [ فصلت : 51 ] أي : كثير ، وهما في معنى واحد ؛ وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها وجزع منها ، وأكثر الدعاء عند ذلك ، فدعا الله في كشفها وزوالها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه ، وفي جميع أحواله ، فإذا فرج الله شدته وكشف كربته ، أعرض ونأى بجانبه ، وذهب كأنه ما كان به من ذاك شيء ، { مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ }

ثم ذم تعالى مَنْ هذه صفته وطريقته{[14089]} فقال : { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فأما من رزقه الله الهداية والسداد والتوفيق والرشاد ، فإنه مستثنى من ذلك ، كما قال تعالى : { إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [ هود : 11 ] ، وكقول{[14090]} رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن{[14091]} لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له : إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له " ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن{[14092]} .


[14089]:- في أ : "وطريقه".
[14090]:- في ت ، أ : "وكما قال".
[14091]:- في ت ، أ : "عجبا للمؤمن".
[14092]:- رواه مسلم في صحيحه برقم (2999) من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَآئِمٗا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ يَدۡعُنَآ إِلَىٰ ضُرّٖ مَّسَّهُۥۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلۡمُسۡرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا مَسّ الإِنسَانَ الضّرّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرّهُ مَرّ كَأَن لّمْ يَدْعُنَآ إِلَىَ ضُرّ مّسّهُ كَذَلِكَ زُيّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا أصاب الإنسان الشدّة والجهد دَعانا لِجَنْبِهِ يقول : استغاث بنا في كشف ذلك عنه ، لجنبه : يعني مضطجعا لجنبه . أوْ قاعِدا أوْ قائما الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرّ به . فَلَمّا كَشَفْنا عَنْه ضُرّهُ يقول : فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه ، مرّ كأنْ لَمْ يَدعُنَا إلى ضُرّ مَسّهُ يقول : استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضرّ ، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء ، أو تناساه ، وترك الشكر لربه الذي فرّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء حين استعاذ به ، وعاد للشرك ودعوى الاَلهة والأوثان أربابا معه . يقول تعالى ذكره : كذلكَ زُيّنَ للْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يقول : كما زين لهذا الإنسان الذي وصفنا صفته استمراره على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضرّ ، كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه ، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن الله لهم به ، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : دَعانا لِجَنْبهِ قال : مضطجعا .