فأما الذين لا يتوبون ولا يثوبون . الذين يصرون على الكفر ويزدادون كفرا . والذين يلجون في هذا الكفر حتى تفلت الفرصة المتاحة ، وينتهي أمد الاختبار ، ويأتي دور الجزاء . هؤلاء وهؤلاء لا توبة لهم ولا نجاة . ولن ينفعهم أن يكونوا قد أنفقوا ملء الأرض ذهبا فيما يظنون هم أنه خير وبر ، ما دام مقطوعا عن الصلة بالله . ومن ثم فهو غير موصول به ولا خالص له بطبيعة الحال . ولن ينجيهم أن يقدموا ملء الأرض ذهبا ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة . فقد أفلتت الفرصة وأغلقت الأبواب :
( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون . إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به . أولئك لهم عذاب أليم . وما لهم من ناصرين ) . .
وهكذا يحسم السياق القضية بهذا التقرير المروع المفزع ، وبهذا التوكيد الواضح الذي لا يدع ريبة لمستريب .
وقوله تعالى : { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار } الآية ، جزم للحكم على كل مواف على الكفر إلى يوم القيامة ، وقرأ عكرمة : «فلن نقبل » بنون العظمة «ملء الأرض » بالنصب ، و«الملء » ما شحن به الوعاء ، فهو بكسر الميم الاسم وبفتحها المصدر ، تقول ملأت الشيء أملؤه مَلأً والملء اسم ما ملأت به ، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وأبو السمال : «مل » دون همزة ، ورويت عن نافع و{ ذهباً } نصب على التمييز ، وقرأ ابن أبي عبلة : «ذهباً لو افتدى به » ، دون واو ، واختلف الناس في هذه الآية في قوله { ولو افتدى } فقال الطبري : هي متعلقة بمحذوف في آخر الكلام دل عليه دخول الواو ، كما دخلت في قوله { وليكون من الموقنين }{[3318]} لمتروك من الكلام ، تقديره ، وليكون من الموقنين أريناه ملكوت السماوات والأرض .
قال الفقيه الإمام : وفي هذا التمثيل نظر فتأمله ، وقال الزّجاج : المعنى : لن يقبل من أحدهم إنفاقه وتقرباته في الدنيا «ولو أنفق ملء الأرض ذهباً ولو افتدى » أيضاً به في الآخرة لم يقبل منه ، قال : فأعلم الله أنه لا يثيبهم على أعمالهم من الخير ، ولا يقبل منهم الافتداء من العذاب .
قال الفقيه الإمام أبو محمد : وهذا قول حسن : وقال قوم : الواو زائدة وهذا قول مردود ، ويحتمل أن يكون المعنى نفي القبول جملة على كل الوجوه ، ثم خص من تلك الوجوه أليقها وأحراها بالقبول ، كما تقول : أنا لا أفعل لك كذا بوجه ، ولو رغبت إليَّ ، وباقي الآية وعيد بيّن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.