التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (91)

قوله تعالى : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ) المراد بذلك أن هؤلاء الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يصدقوا بما جاء به من عند الله ، سواء كانوا من اليهود أو النصارى أو غيرهم من ذوي الملل الكافرة ثم ماتوا عل حالهم من الكفر والجحود ، فلن يقبل منهم يوم القيامة جزاء ولا فدية ترد عنهم العذاب ، ولو كان ذلك ملء الأرض ذهبا ، والفدية معناها العوض والجزاء من المفتدى منه ، وملء ، ملا يملأ الشيء ، أو ما يأخذه الإناء إذا امتلأ{[517]} وقوله : ( ذهبا ) منصوب على التمييز .

أما الواو في قوله : ( ولو افتدى به ) فثمة تفصيل في معناها . فقد قيل : الواو زائدة فيكون المعنى للآية : فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به .

وقيل : إنها للعطف ، والتقدير : لو تقرب إلى الله بملء الأرض ذهبا لم ينفعه ذلك مع كفره ، ولو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه . وقيل غير ذلك{[518]} .

قوله : ( أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ) بعد أن بين الله حال هؤلاء المرتدين الجاحدين من الإياس المطبق وأنهم لا يرجى لهم غفران أو توبة ولو افتدوا أنفسهم من العذاب بما يملأ الدنيا ؛ فإنه جل ثناؤه يؤكد أنه لا خلاص لهؤلاء من عذابه ، وليس لهم من أحد يعينهم أو ينقذهم من الويل الذي حاق بهم أو يدرأ عنهم العذاب الذي يحيط بهم .


[517]:- مختار الصحاح ص 631.
[518]:- تفسير الرازي جـ 8 ص 145 وتفسير القرطبي جـ4 ص 130 وتفسير الطبري جـ 3 ص 245 وتفسير ابن كثير جـ 1 ص 380.