الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (91)

{ ذَهَبًا } نصب على التمييز . وقرأ الأعمش : «ذهب » ، بالرفع رداً على ملء ، كما يقال : عندي عشرون نفساً رجال .

فإن قلت : كيف موقع قوله : { وَلَوِ افتدى بِهِ } ؟ قلت : هو كلام محمول على المعنى . كأنه قيل : فلن تقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهباً . ويجوز أن يراد : ولو افتدى بمثله ، كقوله : { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا في الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ } [ الزمر : 47 ] والمثل يحذف كثيراً في كلامهم ، كقولك : ضربته ضرب زيد ، تريد مثل ضربه . وأبو يوسف أبو حنيفة تريد مثله «ولا هيثم الليلة للمطيّ » وقضية ولا أبا حسن لها ، تريد : ولا مثل هيثم ، ولا مثل أبي حسن ، كما أنه يراد في نحو قولهم : مثلك لا يفعل كذا ، تريد أنت . وذلك أنّ المثلين يسدّ أحدهما مسدّ الآخر فكانا في حكم شيء واحد ، وأن يراد : فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً كان قد تصدق به ، ولو افتدى به أيضاً لم يقبل منه . وقرىء : «فلن يَقْبَلَ من أحدهم ملء الأرض ذهباً » على البناء للفاعل وهو الله عزّ وعلا ، ونصب ملء . ومل لرض بتخفيف الهمزتين .