فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (91)

{ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين } في الصحيحين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به ؟ فيقول نعم فيقال له لقد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك ){[1055]} : وهذا قول الحق جل علاه { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم }{[1056]} ، و{ ذهبا } منصوب على نزع الخافض والتقدير : من ذهب أو منصوب على التمييز ، والواو في قوله سبحانه { ولوا افتدى به } فإنها على رأي الزجاج وابن الأنباري - للعطف والتقدير : لو تقرب إلى الله بملء الأرض ذهبا لم ينفعه ذلك مع كفره ولو افتدى به أيضا لم يقبل منه وقيل يجوز أن يراد ولو افتدى بمثله كقوله تقدست أسماؤه د { ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به . . } {[1057]} [ فإن قيل من المعلوم أن الكافر لا يملك يوم القيامة شيئا وبتقدير أن يملك فلا نفع في الذهب هناك فما فائدة هذا الكلام ؟ فالجواب أنه على سبيل الفرض والتقدير والذهب كناية عن أعز الأشياء والمراد أنه لو قدر على أعز الأشياء وفرض أنه بذله نفعا للآخذ وأن المبذول في غاية الكثرة لعجز أن يتوصل بذلك إلى تخليص نفسه من عذاب ربه ] {[1058]} ؛ هؤلاء المبعدون في الكفر المصرون عليه المستديمون له مدة حياتهم لهم العقاب الدائم الموجع في آخرتهم وما لهم من يشفع فيهم ولا من يدفع ما يحله الله بهم .


[1055]:وفي رواية غيرهما بزيادة " فذلك قوله تعالى {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار..}الآية.
[1056]:من سورة المائدة الآية 36.
[1057]:من سورة الزمر من الآية 47.
[1058]:من تفسير غرائب القرآن.