تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (91)

90

91- { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين }

المفردات :

ولوا افتدى به : معطوف على شرط مقدر يقتضيه المقام : لو أنفقه فيما يراه خيرا في الدنيا ولو افتدى به في الآخرة .

التفسير :

تشير هذه الآية إلى مشهد من مشاهد القيامة حيث يرى الكافر ما اعد له من العذاب الشديد فيتمنى ان يفتدي نفسه من النار بملء الأرض ذهبا بوزن جبالها وتلالها وترابها ورمالها وسهلها ووعرها وبرها وبحرها .

{ إن الذين كفروا لو ان لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم } ( المائدة 36 ) .

وروى الشيخان والإمام احمد أن انس ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال للرجل من اهل النار يوم القيامة أرأيت أن لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا ؟ قال فيقول : نعم . فيقول الله قد أردت منك أهون من ذلك قد أحذت عليك في ظهر أبيك آدم ألا تشرك بي شيئا فأبيت إلا ان تشرك " ( 205 ) .

وقدر الزمخشري الكلام بمعنى : لن يقبل من احد منهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهبا . . . فإذا رفضت الفدية قفي هذه الحالة كان تنبيها على ان ثم أحوالا أخر لا ينفع فيها القبول بطريق الأولى بالنسبة إلى الحالة المذكورة .

وهذا كله تسجيل بأنه لا محيص ولا مخلص لهم من الوعيد وإلا فمن المعلوم انهم أعجز عن الفلس في ذلك اليوم .

ونظير هذا التقدير من هذه الأمثلة أن يقول القائل : لا أبيع هذا الثوب بألف دينار ولو سلمتها إلي في يدي هذه ( 206 ) .

وقال ابن كثير : من مات على الكفر فلن يقبل منه خيرا أبدا ولو كان قد انفق ملء الأرض ذهبا فيما يراه قربة

كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان وكان يقري الضيف ويفك العاني ويطعم الطعام هل ينفعه ذلك ؟ فقال " لا إنه لم يقل يوما من الدهر : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ( 207 ) .

وفي ختام الآية نجد هذا الوعيد .

{ أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين } وأولئك المصرون على الكفر حتى ماتوا لهم عذاب شديد الإيلام وما لهم من ناصرين يدفعون العذاب عنهم او يخفونه كما كانوا ينصرونهم في الدنيا إذا حاول أحد أذاهم او إيقاع المكروه بهم .