( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً . ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) .
والنص يلهم أن عرضهم على النار غدواً وعشياً ، هو في الفترة من بعد الموت إلى قيام الساعة . وقد يكون هذا هو عذاب القبر . إذ أنه يقول بعد هذا : ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب . . فهو إذن عذاب قبل يوم القيامة . وهو عذاب سيئ . عرض على النار في الصباح وفي المساء . إما للتعذيب برؤيتها وتوقع لذعها وحرها - وهو عذاب شديد - وإما لمزاولتها فعلاً . فكثيراً ما يستعمل لفظ العرض للمس والمزاولة . وهذه أدهى . . ثم إذا كان يوم القيامة أدخلوا أشد العذاب !
{ النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } جملة مستأنفة أو { النار } خبر محذوف و { يعرضون } استئناف للبيان ، أو بدل و { يعرضون } حال منها ، أو من الآل وقرئت منصوبة على الاختصاص أو بإضمار فعل يفسره { يعرضون } مثل يصلون ، فإن عرضهم على النار إحراقهم بها من قولهم : عرض الأسارى على السيف إذا قتلوا به ، وذلك لأرواحهم كما روى ابن مسعود أن أرواحهم في أجواف طيور سود تعرض على النار بكرة وعشيا إلى يوم القيامة ، وذكر الوقتين تحتمل التخصيص والتأييد ، وفيه دليل على بقاء النفس وعذاب القبر . { ويوم تقوم الساعة } أي هذا ما دامت الدنيا فإذا قامت الساعة قيل لهم : { أدخلوا آل فرعون } يا آل فرعون . { أشد العذاب } عذاب جهنم فإنه أشد مما كانوا فيه ، أو أشد عذاب جهنم . وقرأ حمزة والكسائي ونافع ويعقوب وحفص { أدخلوا } على أمر الملائكة بإدخالهم النار .
قوله : { النار } رفع على البدل من قوله : { سوء } [ غافر : 45 ] . وقالت فرقة : { النار } رفع بالابتداء وخبره : { يعرضون } . وقالت فرقة : هذا الغدو والشعي هو في الدنيا ، أي في كل غدو وعشي من أيام الدنيا يعرض آل فرعون على النار{[10008]} . وروي في ذلك عن الهزيل بن شرحبيل والسدي : أن أرواحهم في أجواف الطير سود تروح بهم وتغدو إلى النار ، وقاله الأوزاعي حين قال له رجل : إني رأيت طيوراً بيضاً تغدو من البحر ثم ترجع بالعشي سوداً مثلها ، فقال الأوزاعي : تلك هي التي في حواصلها أرواح آل فرعون يحترق رياشها وتسود بالعرض على النار . وقال محمد بن كعب القرظي وغيره : أراد أنهم يعرضون في الآخرة على النار على تقدير ما بين الغدو والعشي ، إذا لا غدو ولا عشي في الآخرة ، وإنما ذلك على التقدير بأيام الدنيا وقوله : { ويوم تقوم الساعة } يحتمل أن يكون { يوم } عطفاً على { عشياً } ، والعامل فيه { يعرضون } ، ويحتمل أن يكون كلاماً مقطوعاً والعامل في : { يوم } { ادخلوا } ، والتقدير : على كل قول يقال ادخلوا .
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم والأعرج وأبو جعفر وشيبة والأعمش وابن وثاب وطلحة : «أدخلوا » بقطع الألف . وقرأ علي بن أبي طالب وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم والحسن وقتادة : «ادخلوا » بصلة الألف على الأمر ل { آل فرعون } على هذه القراءة منادى مضاف . و : { أشد } نصب على ظرفية .
وقوله : { النَّارُ يُعْرَضُونَ عليها غُدُواً وعَشياً } يجوز أن يكون جملة وقعت بدلاً من جملة { وحاق بآل فرعون سوء العذاب } ، فيجعل { النَّار } مبتدأ ويجعل جملة { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } خبراً عنه ويكون مجموع الجملة من المبتدأ وخبره بدل اشتمال من جملة { وحَاقَ بِآلِ فِرعون سُوءُ العَذَّابِ } لأن سوء العذاب إذا أريد به الغرق كان مشتملاً على موتهم وموتُهم يشتمل على عرضهم على النار غدُوًّا وعشِيًّا ، فالمذكور عَذَابَان : عذاب الدنيا وعذابُ الغرق وما يلحق به من عذاببٍ قبل عذاب يوم القيامة .
ويجوز أن يكون { النار } بدلاً مفرداً من { سُوءُ العَذَابِ } بدلاً مطابقاً وجملة { يُعْرَضُونَ عليها } حالاً من { النار } فيكون المذكور في الآية عذاباً واحداً ولم يذكر عَذاب الغرق . وعلى كلا الوجهين فالمذكور في الآية عذاب قبل عذاب يوم القيامة فذلك هو المذكور بعده بقوله : { ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخِلُوا ءالَ فِرْعَونَ أشَدَّ العَذَابِ } .
والعرض حقيقته : إظهار شيء لمن يراه لترغيب أو لتحذير وهو يتعدّى إلى الشيء المظْهَر بنفسه وإلى من يُظهَر لأجله بحرف ( على ) ، وهذا يقتضي أن المعروض عليه لا يكون إلا من يَعقل ومنزّلاً منزلة من يعقل ، وقد يقلب هذا الاستعمال لقصد المبالغة كقول العرب « عرضتُ الناقةَ على الحوض » ، وحقه : عرضت الحوض على الناقة ، وهو الاستعمال الذي في هذه الآية وقوله في سورة الأحقاف ( 20 ) { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } وقد عدَّ علماء المعاني القلب من أنواع تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ومثلوا له بقول العرب : عرضت الناقة على الحوض . واختلفوا في عدّه من أفانين الكلام البليغ فعدّه منها أبو عبيدة والفارسي والسكاكي ولم يقبله الجمهور ، وقال القزويني : إن تضمن اعتباراً لطيفاً قُبِل وإلاّ رُدّ .
وعندي أن الاستعمالين على مقتضى الظاهر وأن العَرض قد كثر في معنى الإمرار دون قصد الترغيب كما يقال : عُرض الجيش على أميره واستعرضه الأمير .
ولعلّ أصله مجاز ساوى الحقيقة فليس في الآيتين قلب ولا في قول العرب : عرضت الناقة على الحوض ، قَلب ، ويقال : عُرض بنو فلان على السيف ، إذا قُتلوا به . وخرج في « الكشف » آية الأحقاففِ على قولهم : عُرض على السيففِ .
ومعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تُشاهِد المواضع التي أعدت لها في جهنم ، وهو ما يبينه حديث عبد الله بن عُمر في « الصحيح » قال : قال رسول الله : " إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقْعَدُه بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثَك الله يوم القيامة "
وقولُه : { غُدُوّاً وعَشِيّاً } كناية عن الدوام لأن الزمان لا يخلو عن هاذين الوقتين .
وقوله : { ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَة أدْخِلوا ءالَ فِرْعون أشدَّ العَذَابِ } هذا ذكر عذاب الآخرة الخالد ، أي يُقال : أَدخلوا آل فرعون أشد العذاب ، وعلم من عذاب آل فرعون أن فرعون داخل في ذلك العذاب بدلالة الفحوى .
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وأبو جعفر ويعقوب { أدخلوا } بهمزة قطع وكسر الخاء . وقرأ الباقون بهمزة وصل وضم الخاء على معنى أن القول مُوجّه إلى آل فرعون وأن { ءَالَ فِرْعَونَ } منادى بحذف الحرف .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{النار يعرضون عليها} وذلك أن أرواح آل فرعون، وروح كل كافر تعرض على منازلها كل يوم مرتين.
ثم أخبر بمستقرهم في الآخرة فقال: {ويوم تقوم الساعة} يعني القيامة يقال: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} يعني أشد عذاب المشركين.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مبينا عن سوء العذاب الذي حلّ بهؤلاء الأشقياء من قوم فرعون ذلك الذي حاق بهم من سوء عذاب الله "النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها "إنهم لها هلكوا وغرّقهم الله... أنهم يعرضون على منازلهم في النار تعذيبا لهم غدوّا وعشيّا...
وقوله: "وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ العَذَابِ" اختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والعراق سوى عاصم وأبي عمرو "وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ" بفتح الألف من أدخلوا في الوصل والقطع بمعنى: الأمر بإدخالهم النار... وقرأ ذلك عاصم وأبو عمرو: «وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا» بوصل الألف وسقوطها في الوصل من اللفظ، وبضمها إذا ابتدئ بعد الوقف على الساعة... معنى الكلام على قراءته: ادخلو يا آل فرعون أشدّ العذاب.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال إنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. فمعنى الكلام إذن: ويوم تقوم الساعة يقال لآل فرعون: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب، فهذا على قراءة من وصل الألف من ادخلوا ولم يقطع، ومعناه على القراءة الأخرى، ويوم تقوم الساعة يقول الله لملائكته "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ العَذَابِ".
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{النار} بدل من سوء العذاب. أو خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلاً قال: ما سوء العذاب؟ فقيل: هو النار. أو مبتدأ خبره {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} وفي هذا الوجه تعظيم للنار وتهويل من عذابها، وعرضهم عليها: إحراقهم بها. يقال: عرض الإمام الأسارى على السيف إذا قتلهم به... وتقديره: يدخلون النار يعرضون عليها، ويجوز أن ينتصب على الاختصاص {غُدُوّاً وَعَشِيّاً} في هذين الوقتين يعذبون بالنار، وفيما بين ذلك الله أعلم بحالهم، فأمّا أن يعذبوا بجنس آخر من العذاب، أو ينفس عنهم. ويجوز أن يكون {غُدُوّاً وَعَشِيّاً}: عبارة عن الدوام، هذا ما دامت الدنيا، فإذا قامت الساعة قيل لهم: {أَدْخُلُواْ} يا {ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ} عذاب جهنم. وقرئ: «أَدخِلوا آل فرعون» أي: يقال لخزنة جهنم: أدخِلوهم.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
الجمهور على أن هذا العرض في البرزخ. وخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة).
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
كان عليهم في هذا العرض زيادة نكد فوق ما ورد عاماً مما روى مالك والشيخان وغيرهم عن أن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة".
ولعل زيادة النكد أنهم هم المعروضون، فيذهب بهم في الأغلال يساقون لينظروا ما أعد الله لهم، وعامة الناس يقتصر في ذلك على أن يكشف لهم -وهو في محالّهم- عن مقاعدهم، ففي ذلك زيادة إهانة لهم،
وهو مثل: عرض الأمير فلاناً على السيف إذا أراد قتله، هذا دأبهم إلى أن تقوم الساعة {ويوم تقوم الساعة} يقال لهم: {ادخلوا آل} أي يا آل
{فرعون} هو نفسه وأتباعه لأجل اتباعهم له فيما أضلهم به، وجعله نافع وحمزة والكسائي ويعقوب وحفص فعل أمر من الإدخال، فالتقدير: نقول لبعض جنودنا: أدخلوا آله لأجل ضلالهم به اليوم {أشد العذاب} وإذا كان هذا لآله لأجله كان له أعظم منه من باب الأولى.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
العرض حقيقته: إظهار شيء لمن يراه؛ لترغيب أو لتحذير، وهو يتعدّى إلى الشيء المظْهَر بنفسه وإلى من يُظهَر لأجله بحرف (على)، وهذا يقتضي أن المعروض عليه لا يكون إلا من يَعقل ومنزّلاً منزلة من يعقل، وقد يقلب هذا الاستعمال لقصد المبالغة كقول العرب « عرضتُ الناقةَ على الحوض»، وحقه: عرضت الحوض على الناقة، وهو الاستعمال الذي في هذه الآية وقوله في سورة الأحقاف (20) {ويوم يعرض الذين كفروا على النار} وقد عدَّ علماء المعاني القلب من أنواع تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، ومثلوا له بقول العرب: عرضت الناقة على الحوض. واختلفوا في عدّه من أفانين الكلام البليغ فعدّه منها أبو عبيدة والفارسي والسكاكي ولم يقبله الجمهور، وقال القزويني: إن تضمن اعتباراً لطيفاً قُبِل وإلاّ رُدّ.
وعندي أن الاستعمالين على مقتضى الظاهر وأن العَرض قد كثر في معنى الإمرار دون قصد الترغيب كما يقال: عُرض الجيش على أميره واستعرضه الأمير، ولعلّ أصله مجاز ساوى الحقيقة فليس في الآيتين قلب ولا في قول العرب: عرضت الناقة على الحوض قَلب.
ومعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تُشاهِد المواضع التي أعدت لها في جهنم، وهو ما يبينه حديث عبد الله بن عُمر في « الصحيح» قال: قال رسول الله:"إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقْعَدُه بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثَك الله يوم القيامة".
{غُدُوّاً وعَشِيّاً} كناية عن الدوام لأن الزمان لا يخلو عن هاذين الوقتين.
{ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَة أدْخِلوا ءالَ فِرْعون أشدَّ العَذَابِ} هذا ذكر عذاب الآخرة الخالد، أي يُقال: أَدخلوا آل فرعون أشد العذاب، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وأبو جعفر ويعقوب {أدخلوا} بهمزة قطع وكسر الخاء. وقرأ الباقون بهمزة وصل وضم الخاء، على معنى أن القول مُوجّه إلى آل فرعون وأن {ءَالَ فِرْعَونَ} منادى بحذف الحرف.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
إنّ العذاب والعقاب الإلهي أليم بمجمله، إلاّ أنّ تعبير «سوء العذاب» يظهر أنّ الله تبارك وتعالى انتخب لهم عذاباً أشد إيلاماً من غيره، وهو ما تشير إليه الآية التي بعدها، حيث قوله تعالى: (النّار يعرضون عليها غدواً وعشياً) ثم: (ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب)...
أوّلا: مؤمن آل فرعون والدرس العظيم في مواجهة الطواغيت:
إنّ القليل من الناس يؤمنون بالأديان الإلهية والمذاهب السماوية في بداية الأمر، ويقومون بتحدي الجبابرة والطواغيت، وإذا توجست هذه القلّة المخلصة خوفاً من أعدائها، أو أنّها شكت بأنّ كثرة دليل على حقانيتهم، فلن يكون بمقدور الأديان الإلهية أن تمتد وتنتشر في الدنيا.
لقد كان مؤمن آل فرعون نموذجاً لهذه المدرسة، وكان من الأوائل في هذا الطريق، وأثبت أنّ الإنسان المؤمن يستطيع بعزمه وإرادته القوية ـ النابعة من إيمانه بالله تعالى ـ التأثير حتى في إرادة الفراعنة الجبابرة؛ بل وأن يوفّر سبل النجاة لنبي كبير من أنبياء أولي العزم.
إنّ تأريخ حياة هذا الرجل الشجاع الذكي، يثبت ضرورة أن تكون خطوات أهل الدعوة والحق على غاية قصوى من الدقة والحذر، إذ يجب أحياناً التكتم على الإيمان وإخفاء القناعات الحقة؛ كما يجب في أحيان اُخرى الجهر بدعوة الحق وإظهار الإيمان...
وكما يعتبر التسلّح بالسلاح المادي الظاهري من ضرورات المنعة وأسباب دحر العدو كذلك فإنّ المنطق القوي والحجّة البالغة هي سلاح ضروري قد يعادل في تأثيره السلاح المادي عدة مرّات، لذا فإنّ العمل الذي قام به (مؤمن آل فرعون) بواسطة منطقه وقوة حجته وحكمة تصرفه لم يكن ليعادله أي سلاح آخر، ثم إنّ قصة هذا الرجل المؤمن تظهر أنّ الله جلّ وعلا لا يترك عباده المؤمنين وحيدين، بل يحميهم بلطفه عن الأخطار...
ثانياً: تفويض الأمور إلى الله فيما يخص التفويض إلى الله تبارك وتعالى.
«التفويض» كما يقول الراغب في مفرداته، يعني «التوكل، لذا فإنّ تفويض الأمر إلى الله يأتي بمعنى توكيل الأعمال إليه، إلا أنّ حقيقة (التوكل) هي أن يعتبر الإنسان الله تبارك وتعالى وكيلا عنه، لكن التفويض يعني التسليم المطلق لله تعالى فلا يبقى أي مجال لإشراف من أي نوع.