ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا } أي : نقصا .
{ وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ } أي : ولسعوا في الفتنة والشر بينكم ، وفرقوا جماعتكم المجتمعين ، { يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ } أي : هم حريصون على فتنتكم وإلقاء العداوة بينكم .
{ وَفِيكُمْ } أناس ضعفاء العقول { سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي : مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم ، فإذا كانوا هم حريصين على خذلانكم ، وإلقاء الشر بينكم ، وتثبيطكم عن أعدائكم ، وفيكم من يقبل منهم ويستنصحهم . فما ظنك بالشر الحاصل من خروجهم مع المؤمنين ، والنقص الكثير منهم ، فللّه أتم الحكمة حيث ثبطهم ومنعهم من الخروج مع عباده المؤمنين رحمة بهم ، ولطفا من أن يداخلهم ما لا ينفعهم ، بل يضرهم .
{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } فيعلم عباده كيف يحذرونهم ، ويبين لهم من المفاسد الناشئة من مخالطتهم .
ثم بين - سبحانه - المفاسد المترتبة على خروج المنافقين في جيش المؤمنين فقال : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } ، وأصل الخبال . الاضطراب والمرض الذي يؤثر في العقل كالجنون ونحوه . أو هو الاضطراب في الرأى .
أى : لو خرج هؤلاء المنافقون معكم أيها المؤمنون إلى تبوك ما زادوكم شيئاً من الأشياء إلا اضطراباً في الرأى ؛ وفسادا في العمل ، وضعفا في القتال ، لأن هذا هو شأن النفوس المريضة التي تكره لكم الخير ، وتحب لكم الشر .
قال الآلوسى . والاستثناء مفرغ متصل ، والمستثنى منه محذوف ، ولا يستلزم أن يكون لهم خبال حتى لو خرجوا زاده ؛ لأن الزيادة باعتبار أعم العام الذي وقع منه الاستثناء .
وقال أبو حيان : إنه كان في تلك الغزوة منافقون لهم خبال فلو خرج أيضاً اجتمعوا بهم زاد الخبال ، فلا فساد في ذلك الاستلزام لو ترتب .
وقوله : { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ } معطوف على قوله : " ما زادوكم " . والإِيضاع . كما يقول القرطبى . سرعة السير قال الراجز .
يا ليتنى فيها جذع . . . أخب فيها وأضع
يقال : وضع البعير . إذا أسرع في السير ، وأوضعته . حملته على العدو .
والخلل الفرجة بين الشيئين . والجمع الخلال ، أى : الفرج التي تكون بين الصفوف وهو هنا ظرف مكان بمعنى بين ، ومفعول الإِيضاح محذوف ، أى . ولأسرعوا بينكم ركائبهم بالوشايات والنمائم والإِفساد .
ففى الكلام استعارة تبعية ، حيث شبه سرعة إفسادهم لذات البين بسرعة سير الراكب ، ثم استعير لها الإِيضاع وهو للإِبل وأصل الكلام ولأوضعوا ركائبهم ، ثم حذفت الركائب .
وجملة { يَبْغُونَكُمُ الفتنة } في محل نصب على الحال من فاعل ( أوضعوا ) .
أى : لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا شراً وفساداً ، ولأسرعوا بينكم بالإِشاعات الكاذبة ، والأقوال الخبيثة ، حال كونهم باغين وطالبين لكم الافتتان في دينكم ، والتشكيك في صحة عقائدكم ، والتثبيط عن القتال ، والتخويف من قوة أعدائكم ، ونشر الفرقة في صفوفكم .
فالمراد بالفتنة هنا : كل ما يؤدى إلى ضعف المسلمين في دينهم أو في دنياهم .
وقوله : { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } بيان لأحوال المؤمنين في ذلك الوقت .
أى . وفيكم . في ذلك الوقت . يا معشر المؤمنين ، أناس كثيرو السماع لهؤلاء المنافقين ، سريوا الطاعة لما يلقون إليهم من أباطيل .
قال ابن كثير . قوله : { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أى : مطيعون لهم ، ومستحسنون لحديثهم وكلامهم ، يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم ، فيؤدى إلى وقع شر بين المؤمنين وفساد كبير .
وقال مجاهد وزيد بن أسلم وابن جرير { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أى : عيون يسمعون لهم الأخبار وينقلونها إليهم .
وهذا لا يبقى له اختصاص بخروجهم معهم ، بل هذا عام في جمع الأحوال .
والمعنى الأول أظهر في المناسبة بالسياق . وإليه ذهب قتادة وغيره من المفسرين .
وقال محمد بن إسحاق : كان الذين استأذنوا ، فيما بلغنى ، من ذوى الشرف ، منهم عبد الله بن أبى بن سلول ، والجد بن قيس ، وكانوا أشرافا في قومهم ، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يرخجوا فيفسدوا عليه جنده . وكان في جنده قوم أهل محبة لهم ، وطاعة فيما يدعونه إليه لشرفهم فقال : { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } .
وقوله : { والله عَلِيمٌ بالظالمين } تذييل المقصود منه وعيد هؤلاء المنافقين وتهديديهم بسبب ما قدمت أيديهم من مفاسد .
أى : والله - تعالى - لا تخفى عليه خافية من أحوال هؤلاء الظالمين ، وسيعاقبهم بالعقاب المناسب لجرائمهم ورذائلهم .
وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد وضحت أن هناك ثلاث مفاسد كانت ستترتب على خروج هؤلاء المنافقين مع المؤمنين إلى تبوك .
أما المفسدة الأولى : فهى زيادة الاضطراب والفوضى في صفوف المجاهدين .
وأما المفسدة الثانية : فهى الإِسراع بينهم بالوشايات والنمائم والإِشاعات الكاذبة .
وأما المفسدة الثالثة : فهى الحرص على تفريق كلمتهم ، وتشكيكهم في عقيدتهم .
وهذه المفاسد الثلاث ما وجدت في جيش إلا وأدت إلى انهزامه وفشله .
ومن هنا كان تثبيط الله - تعالى - لهؤلاء المنافقين ، نعمة كبرى للمؤمنين .
ومن هنا - أيضاً - كانت الكثرة العددية في الجيوش لا تؤتى ثمارها المرجوة منها ، إلا إذا كانت متحدة في عقيدتها ، وأهدافها ، واتجاهاتها . . أما إذا كانت هذه الكثرة مشتملة على عدد كبير من ضعاف الإِيمان ، فإنها في هذه الحالة يكون ضرر أكبر من نفعها .
( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ، وفيكم سماعون لهم ، واللّه عليم بالظالمين ) . .
والقلوب الحائرة تبث الخور والضعف في الصفوف ، والنفوس الخائنة خطر على الجيوش ؛ ولو خرج أولئك المنافقون ما زادوا المسلمين قوة بخروجهم بل لزادوهم اضطراباً وفوضى . ولأسرعوا بينهم بالوقيعة والفتنة والتفرقة والتخذيل . وفي المسلمين من يسمع لهم في ذلك الحين . ولكن اللّه الذي يرعى دعوته ويكلأ رجالها المخلصين ، كفى المؤمنين الفتنة ، فترك المنافقين المتخاذلين قاعدين :
والظالمون هنا معناهم( المشركون ) فقد ضمهم كذلك إلى زمرة المشركين !
القول في تأويل قوله تعالى : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مّا زَادُوكُمْ إِلاّ خَبَالاً ولأوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : لو خرج أيها المؤمنون فيكم هؤلاء المنافقون ، ما زَادُوكُمْ إلاّ خَبالاً يقول : لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادا وضرّا ولذلك ثبطتهم عن الخروج معكم . وقد بيّنا معنى الخبال بشواهده فيما مضى قبل . وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يقول : ولأسرعوا بركائبهم السير بينكم . وأصله من إيضاع الخيل والركاب ، وهو الإسراع بها في السير ، يقال للناقة إذا أسرعت السير : وضعت الناقة تضع وضعا ومَوْضُوعا ، وأوضعها صاحبها : إذا جدّ بها وأسرع يُوضِعُها إيضاعا ومنه قول الراجز :
يا لَيْتَنِي فِيها جَذَعْ *** أخُبّ فيها وأضَعْ
وأما أصل الخلال : فهو من الخلل : وهي الفرج تكون بين القوم في الصفوف وغيرها ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : «تَرَاصّوا فِي الصّفُوفِ لا يَتَخَلّلُكُمْ أوْلادُ الحَذَفِ » .
وأما قوله : يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ فإن معنى يبغونكم الفتنة : يطلبون لكم ما تفتنون به عن مخرجكم في مغزاكم ، بتثبيطهم إياكم عنه ، يقال منه : بغيته الشرّ ، وبغيته الخير أبغيه بغاءً : إذا التمسته له ، بمعنى : بغيت له ، وكذلك عكمتك وحلبتك ، بمعنى : حلبت لك وعكمت لك ، وإذا أرادوا أعنتك على التماسه وطلبه ، قالوا : أبغيتك كذا وأحلبتك وأعكمتك : أي أعنتك عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ولأَوْضَعُوا خِلالَكُم بينكم يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ بذلك .
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يقول : ولأوضعوا أسلحتهم خلالكم بالفتنة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ يبطئونكم . قال : رفاعة بن التابوت ، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول ، وأوس بن قيظي .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ قال : لأسرعوا الأزقة خلالكم . يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ يبطئونكم ، عبد الله بن نبتل ، ورفاعة بن تابوت ، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول .
قال : حدثنا الحسن ، قال : ثني أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة : ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ قال : لأسرعوا خلالكم يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ بذلك .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زَادُوكُمْ إلاّ خَبالاً قال : هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك ، يُسّليّ الله عنهم نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، فقال : وما يُحْزِنكم . ولأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ الكفر .
وأما قوله : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وفيكم سماعون لحديثكم لهم يؤدونه إليهم عيون لهم عليكم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ يحدّثون بأحاديثكم ، عيونٌ غير منافقين .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ قال : محدّثون عيون غير منافقين .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ يسمعون ما يؤدونه لعدوّكم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وفيكم من يسمع كلامهم ويطيع لهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ وفيكم من يسمع كلامهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان الذين استأذنوا فيما بلغني من ذوي الشرف منهم : عبد الله بن أبيّ ابن سلولَ والجدّ بن قيس ، وكانوا أشرافا في قومهم ، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده ، وكان في جنده قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم ، فقال : وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ فعلى هذا التأويل : وفيكم أهل سمع وطاعة منكم لو صحبوكم أفسدوهم عليكم بتثبيطهم إياهم عن السير معكم .
وأما على التأويل الأوّل ، فإن معناه : وفيكم منهم سماعون يسمعون حديثكم لهم ، فيبلغونهم ويؤدونه إليهم عيون لهم عليكم .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين عندي في ذلك بالصواب تأويل من قال : معناه : وفيكم سماعون لحديثكم لهم يبلغونه عنكم عيون لهم ، لأن الأغلب من كلام العرب في قولهم : سماع ، وصف من وصف به أنه سماع للكلام ، كما قال الله جلّ ثناؤه في غير موضع من كتابه : سمّاعُونَ للْكَذِبِ واصفا بذلك قوما بسماع الكذب من الحديث . وأما إذا وصفوا الرجل بسماع كلام الرجل وأمره ونهيه وقبوله منه ، وانتهائه إليه فإنما تصفه بأنه له سامع ومطيع ، ولا تكاد تقول : هو له سماع مطيع .
وأما قوله : وَاللّهُ عَلِيمٌ بالظّالِمِينَ فإن معناه : والله ذو علم بمن يوجه أفعاله إلى غير وجوهها ويضعها في غير مواضعها ، ومن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعذر ومن يستأذنه شكّا في الإسلام ونفاقا ، ومن يسمع حديث المؤمنين ليخبر به المنافقين ومن يسمعه ليسرّ بما سرّ المؤمنين ويساء بما ساءهم ، لا يخفى عليه شيء من سرائر خلقه وعلانيتهم . وقد بيّنا معنى الظلم في غير موضع من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله تعالى : { لو خرجوا فيكم } الآية ، خبر بأنهم لو خرجوا لكان خروجهم مضرة ، وقولهم { إلا خبالاً } استثناء من غير الأول ، وهذا قول من قدر أنه لم يكن في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبال ، فيزيد المنافقون فيه ، فكأن المعنى ما زادوكم قوة ولا شدة لكن خبالاً ، ويحتمل أن يكون استثناء غير منقطع وذلك أن عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في غزوة تبوك كان فيه منافقون كثير ولهم لا محالة خبال ، فلو خرج هؤلاء لالتأموا مع الخارجين فزاد الخبال ، والخبال الفساد في الأشياء المؤتلفة الملتحمة كالمودات وبعض الأجرام ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]
يا بني لبينى لستما بيدِ*** إلاّ يداً مخبولة العضدِ{[5677]}
وقرأ ابن أبي عبلة «ما زادكم » بغير واو{[5678]} .
وقرأ جمهور الناس { لأوضعوا } ومعناه لأسرعوا السير ، و { خلالكم } معناه فيما بينكم من هنا إلى هنا لسد الموضع الخلة بين الرجلين ، والإيضاع سرعة السير{[5679]} ، وقال الزجّاج { خلالكم } معناه فيما يخل بكم .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، وماذا يقول في قوله : { فجاسوا خلال الديار }{[5680]} وقرأ مجاهد فيما حكى النقاش عنه ، «ولأوفضوا » وهو أيضاً بمعنى الإسراع ومنه قوله تعالى : { إلى نصب يوفضون }{[5681]} ، وحكي عن الزبير أنه قرأ «ولأرفضوا » قال أبو الفتح : هذه من رفض البعير إذا أسرع في مشيه رقصاً ورقصاناً ، ومنه قول حسان بن ثابت : [ الكامل ]
بزجاجة رفضت بما في قعرها *** رقص القلوص براكب مستعجل{[5682]}
ووقعت «ولا أوضعوا » بألف بعد «لا » في المصحف ، وكذلك وقعت في قوله { أو لأذبحنه }{[5683]} ، قيل وذلك لخشونة هجاء الأولين{[5684]} قال الزجّاج : إنما وقعوا في ذلك لأن الفتحة في العبرانية وكثير من الألسنة تكتب ألفاً .
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن تمطل حركة اللام فيحدث بين اللام والهمزة التي من أوضع{[5685]} ، وقوله : { يبغونكم الفتنة } أي يطلبون لكم الفتنة ، وقوله { وفيكم سماعون } قال سفيان بن عيينة والحسن ومجاهد وابن زيد معناه جواسيس يستمعون الأخبار وينقلونها إليهم ، ورجحه الطبري ، قال النقاش : بناء المبالغة يضعف هذا القول ، وقال جمهور المفسرين معناه وفيكم مطيعون سامعون لهم ، وقوله { والله عليم بالظالمين } توعد لهم ولمن كان من المؤمنين على هذه الصفة .