تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ} (8)

{ ثم لتسألن } في الآخرة { يومئذ عن النعيم } آية يعني كفار مكة ، كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، وأيضا فذلك قوله :{ أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها } [ الأحقاف :20 ] ، وقال :{ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } ، وذلك أن الله عز وجل إذا جمع الكفار في النار صرخوا : يا مالك ، أنضجت لحومنا ، وأحرقت جلودنا ، وجاعت وأعطشت أفواهنا ، وأهلكت أبداننا ، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار ، فيرد عليهم مالك يقول : لا ، قالوا : ساعة من النهار ، قال : لا ، قالوا : فردنا إلى الدنيا ، فنعمل غير الذي كنا نعمل ، قال : فينادي مالك - خازن النار - بصوت غليظ جهير ، قال : فإذا نادى حسرت النار من فوقه ، وسكن أهلها ، فيقول : أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم ، ثم يناديهم : يا أهل النار ، فيقولون : لبيك ، فيقول : يا أهل البلاء ، فيقولون : لبيك ، فيقول :{ أذهبتم في طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون } [ الأحقاف :20 ] ، يا أهل الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا ، كيف تجدون مس سقر ؟ قالوا : يأتينا العذاب من كل مكان ، فهل إلى أن نموت ونستريح ، قال : فيقول : وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا ، قال : فذلك قوله :{ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } ، يعني الشكر للنعيم الذي أعطاه الله عز وجل ، فلم يهتد ولم يشكر ، يعني الكافر .