فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ} (8)

{ ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم } أي عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة . قال قتادة : يعني : كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، ولم يشكروا ربّ النعم حيث عبدوا غيره ، وأشركوا به . قال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلاّ أهل النار . وقال قتادة : إن الله سبحانه سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه ، وهذا هو الظاهر ، ولا وجه لتخصيص النعيم بفرد من الأفراد ، أو نوع من الأنواع ، لأن تعريفه للجنس ، أو الاستغراق ، ومجرّد السؤال لا يستلزم تعذيب المسئول على النعمة التي يسأل عنها ، فقد يسأل الله المؤمن عن النعم التي أنعم بها عليه فيم صرفها ، وبم عمل فيها ؟ ليعرف تقصيره ، وعدم قيامه بما يجب عليه من الشكر . وقيل : السؤال عن الأمن والصحة . وقيل : عن الصحة والفراغ ، وقيل : عن الإدراك بالحواسّ ، وقيل : عن ملاذ المأكول والمشروب . وقيل : عن الغداء والعشاء . وقيل : عن بارد الشراب وظلال المساكن . وقيل : عن اعتدال الخلق . وقيل : عن لذة النوم ، والأولى العموم ، كما ذكرنا .

/خ8