الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ} (8)

ثم أخْبَر تعالى أنّ الناسَ مَسْؤولونَ يَوْمَئِذٍ عَنْ نعيمِهم في الدنيا ؛ كيفَ نالُوه ولِمَ آثَرُوهُ ، وتَتَوَجَّهُ في هذا أسئلةٌ كَثِيرَةٌ بِحَسَبِ شَخْصٍ شَخْصٍ ، وهِيَ مُنْقَادَةٌ لِمَنْ أُعْطِيَ فَهْماً في كِتَابِ اللَّه عز وجل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأصْحابِه : " والَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هذا الْيَوْمِ " ، الحديثُ في الصحيح ؛ إذْ ذَبَحَ لَهُمْ أبُو الهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ شَاةً وَأَطْعَمَهُمْ خُبْزاً وَرُطَباً ، واستعذب لَهُمْ مَاءً . وَعَنْ أبي هريرةَ في حديثهِ في مسيرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ إلى بَيْتِ أبي الهَيْثَمِ ، وأكْلِهِمُ الرُّطَبَ وَاللَّحْمَ وَشُرْبِهمُ المَاءَ ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " هذا هُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ " ، وإنَّ ذَلِكَ كَبُرَ على أصحابهِ ، وإنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَال : " إذا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هذا وَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ ، فَقُولُوا : باسم اللَّهِ ، وعلى بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَإذَا شَبِعْتُمْ ، فَقُولُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا وَأَرْوَانَا ، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا وَأَفْضَلَ ، فَإنَّ هذا كَفَافٌ بِذَاكَ " ، هذا مختصرٌ رواه الحاكم في " المستدركِ " ، انتهى من «سلاح المؤمن » . قال الداوديُّ : وعن الحسنِ وقَتَادَة : ثَلاَثٌ لا يَسْأَلُ اللَّهُ عنهنّ ابنَ آدمَ ، ومَا عَدَاهُنَّ فيه الحسابُ والسؤال ؛ إلا مَا شَاءَ اللَّهُ : كسوةٌ يوارِي بها سوءَتَه ، وكِسْرَةٌ يَشُدَّ بِهَا صلبَه ، وبيتٌ يُكِنُّه مِنَ الحرِّ والبردِ ، انتهى .