{ ثم لتسألنّ } حذف منه نون الرفع لتوالي النونات ، والواو لالتقاء الساكنين { يومئذ } أي : يوم رؤيتها { عن النعيم } وهو ما يلتذ به في الدنيا من الصحة والفراغ والأمن والمطعم والمشرب وغير ذلك ، والمراد بذلك ما يشغله عن الطاعة للقرينة والنصوص الكثيرة كقوله تعالى : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } [ الأعراف : 32 ] وقوله تعالى : { كلوا من الطيبات } [ المؤمنون : 51 ] وقال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار ؛ لأنّ أبا بكر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية قال : يا رسول الله ، أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم من خبز وشعير ولحم وبسر وماء عذب ، أيكون من النعيم الذي يسأل عنه ، فقال صلى الله عليه وسلم :«إنما ذلك للكفار ، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم { وهل نجازي إلا الكفور } [ سبأ : 17 ] » ؛ لأنّ ظاهر الآية يدل على ذلك ؛ لأنّ الكفار ألهاهم التكاثر بالدنيا والتفاخر بلذاتها عن طاعة الله تعالى ، والاشتغال بشكره ، فالله تعالى يسألهم عنها يوم القيامة ، حتى يظهر لهم أن الذي ظنوه لسعادتهم كان من أعظم الأسباب لشقاوتهم . وقيل : السؤال عام في حق المؤمن والكافر ، لقوله صلى الله عليه وسلم :«أوّل ما يسأل العبد يوم القيامة عن النعيم فيقال له : ألم نصحح جسمك ، ألم نروك من الماء البارد ؟ » . وقيل : الزائد على ما لا بدّ منه ، وقيل : غير ذلك . قال الرازي : والأولى على جميع النعم ؛ لأنّ الألف واللام تفيد الاستغراق ، وليس صرف اللفظ على البعض أولى من صرفه إلى الباقي ، فيسأل عنها : هل شكرها أم كفرها .
وإذا قيل : إنّ هذا السؤال للكافر ، فقيل : هو في موقف الحساب ، وقيل : بعد دخول النار ، يقال لهم : إنما حل بكم هذا العذاب لاشتغالكم في الدنيا بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم من هذه النار ، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة .
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم :«من قرأ ( ألهاكم التكاثر ) لم يحاسبه الله بالنعيم الذي أنعم به عليه في دار الدنيا ، وأعطي من الأجر كأنما قرأ ألف آية » ، حديث موضوع ، إلا آخره ، فرواه الحاكم بلفظ «ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم ، قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية ؟ قال : أو ما يستطيع أحدكم أن يقرأ ( ألهاكم التكاثر ) » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.