تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗا} (85)

{ ويسئلونك عن الروح } ، نزلت في أبي جهل وأصحابه ، { قل الروح من أمر ربي } ، وهو ملك عظيم على صورة إنسان أعظم من كل مخلوق غير العرض ، فهو حافظ على الملائكة ، وجهه كوجه الإنسان ، ثم قال سبحانه : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } آية ، عند كثيرا عندكم ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن في التوراة علم كل شيء ، وقال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : قل لليهود : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } ، عندي كثيرا عندكم ، وعلم التوراة عندكم كثير .

فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : من قال هذا ؟ فوالله ما قاله لك إلا عدو لنا ، يعنون جبريل ، عليه السلام ، ثم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : خاصة لنا إنا لم نؤت من العلم إلا قيلا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بل الناس كلهما عامة" ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ولا أنت ولا أصحابك ؟ فقال : "نعم" ، فقالوا : كيف تجمع بين هاتين ؟ تزعم أنك أوتيت الحكمة ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، وتزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلا ، فنزلت : {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام . . . } [ لقمان :27 ] إلى آخر الآية ، نزلت : { قل لو كان البحر مدادا . . . } [ الكهف :109 ] إلى آخر الآية .