قوله : { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } إلى قوله { [ كان {[41761]} ] عليك كبيرا } [ 85- 87 ] .
المعنى : ويسألك {[41762]} يا محمد ، كفار أهل الكتاب عن الروح ، قل لهم يا محمد الروح من أمر ربي {[41763]} .
قال ابن مسعود {[41764]} : كنت مع النبي في حرث {[41765]} بالمدينة ، ومعه عسيب يتوكأ عليه . فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم : سلوه عن الروح . وقال بعضهم : لا تسألوه فسألوه عن الروح ، فقام متوكئا على عسيبه فقمت خلفه ، فظننت أنه يوحى إليه . فقال : { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أتيتم من العلم إلا قليلا } [ 85 ] . فقال بعضهم : ألم أقل لا تسألوه {[41766]} .
وقال عكرمة : سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح فأنزل الله : { ويسألونك عن الروح } [ 85 ] الآية . فقالوا : أتزعم أنا لم نؤت {[41767]} من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة { ومن يوت الحكمة فقد {[41768]} أوتي خيرا كثيرا } {[41769]} فنزلت : { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام [ والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ] {[41770]} } {[41771]} الآية {[41772]} .
وقال قتادة : لقيت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم فعنتوه وقالوا : إن كنت نبيا فستعلم ذلك . فسألوه عن الروح ، وعن أصحاب الكهف ، وعن ذي القرنين ، فأنزل الله [ عز وجل {[41773]} ] في ذلك كله {[41774]} .
وعن ابن عباس : أن اليهود قالوا : /للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا ما الروح ؟ وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإنما الروح من الله عز وجل ؟ ولم يكن نزل إليه في شيء . فلم يجد إليهم فيه شيئا . وأتاه جبريل عليه السلام فقال له : { قل الروح من أمر ربي } [ 85 ] . الآية فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالوا من جاءك بهذا {[41775]} فقال النبي صلى الله عليه وسلم جاء به جبريل من عند الله [ عز وجل {[41776]} ] . فقالوا والله ما قاله لك إلا عدونا فأنزل الله [ عز وجل {[41777]} ] { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك {[41778]} } {[41779]} .
وقال بعض أهل العلم : علم الله [ عز وجل {[41780]} ] أن الأصلح ألا يخبرهم ما هو لأن اليهود قالت لقريش في كتابها {[41781]} أنه إن فسر لكم ما الروح فليس بنبي . وإن {[41782]} لم يفسره فهو نبي {[41783]} .
وهذا القول : أولى بالآية لأن السورة مكية . وقد روى أن قريشا اجتمعت بمكة
فقال بعضهم لبعض : والله ما كان محمد كذابا ، ولقد نشأ فينا بالصدق والأمانة فابعثوا منكم جماعة إلى يهود يثرب يسألونهم عنه . فخرجت طائفة حتى لقوا أحبار يهود ، وكانوا يومئذ ينتظرونه ويرجون {[41784]} نصرته . فسألهم قريش عنه : فقالت : لهم اليهود : اسألوه {[41785]} عن ثلاث : فإن أخبركم باثنين وأمسك عن الثالثة فهو نبي . تسألوه {[41786]} عن أهل الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح . فقدموا مكة وسألوه عن ذلك .
وقيل : أنهم سألوه {[41787]} عيسى عليه السلام . فقيل : لهم الروح من أمر الله ، أي : هو شيء أمر الله [ عز وجل {[41788]} ] به وخلقه لا كما تقول النصارى {[41789]} .
وكان ابن عباس يكتم تفسير الروح {[41790]} . وقال قتادة : هو جبريل عليه السلام {[41791]} . وعن ابن عباس : أنه ملك {[41792]} . وعن علي ابن طالب [ رضي الله عنه {[41793]} ] إنه ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، لكل وجه منها سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله [ عز وجل {[41794]} ] بتلك اللغات كلها ، يخلق من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة {[41795]} .
وقيل الروح القرآن {[41796]} ، لقوله : { وأوحينا إليك روحا من أمرنا } {[41797]} . وإنما سمي القرآن روحا لأنه حياة للقلوب والنفوس لما تصير {[41798]} إليه من الخير بالقرآن .
وقيل إن اليهود وصوا قريشا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليمتحنوا علمه {[41799]} وهذا أحسن ما قيل لآن السورة مكية .
وقال أبو صالح : الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا بني آدم ، لهم أيد وأرجل {[41800]} .
ومعنى { من أمر ربي } أي من الأمر الذي يعلمه دونكم .
وقوله : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } [ 85 ] .
يعني الذين {[41801]} سألوا النبي صلى الله عليه وسلم خاصة {[41802]} . وقيل عني به الخلق كلهم ولكنه {[41803]} غلب المخاطب على الغائب {[41804]} .
قال عطاء : نزلت بمكة { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } [ 85 ] فلما هاجر ، أتى أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد ألم يبلغنا {[41805]} أنك تقول {[41806]} { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } [ 85 ] أفعنيتنا أم قومك ؟ فقال : كلا قد عنيت . قالوا فإنك تتلو/إنا قد أوتينا التوراة وفيها بيان {[41807]} كل شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هي في علم الله قليل {[41808]} . وقد آتاكم ما إن عملتم به انتفعتم وأنزل الله [ عز وجل {[41809]} ] : { ولو أنما {[41810]} في الأرض من شجرة أقلام {[41811]} } الآية {[41812]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.