تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ} (253)

{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله } ، وهو موسى صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من اتخذَه خليلا ، وهو إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، ومنهم مَن أُعْطِيَ الزّبورَ ، وتسبيحَ الجبال والطير ، وهو داودُ صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من سُخّرت له الريح والشياطين ، وعُلِّم منطقَ الطير ، وهو سليمانُ صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من يُحْيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرصَ ، ويَخلُق من الطين طيرا ، وهو عيسى صلى الله عليه وسلم ، فهذه الدرجاتُ ، يعني الفضائلَ ، قال تعالى : { ورفع بعضهم درجات } على بعض ، { وآتينا } ، يقول : وأعطينا { عيسى ابن مريم البينات } ، يعني ما كان يَصنَع من العجائب ، وما كان يُحيي من الموتى ويُبرئ الأكمه والأبرصَ ويَخلق من الطين .

ثم قال : { وأيدناه بروح القدس } ، يقول سبحانه : وقويناه بجبريل ، عليه السلام ، ثم قال : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم } ، يعني من بعد عيسى وموسى ، وبينهما ألف نبي ، أولهم وآخرهم عيسى ، { من بعد ما جاءتهم البينات } ، يعني العجائب التي كان يصنعها الأنبياء ، { ولكن اختلفوا } ، فصاروا فريقين في الدين ، فذلك قوله سبحانه : { فمنهم من آمن } ، يعني صدق بتوحيد الله عز وجل ، { ومنهم من كفر } بتوحيد الله ، { ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد } يعني أراد ذلك .