تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } ، وذلك أن كعب بن الأشرف

اليهودي ، وكان عربيا من طيئ ، وحيى بن أخطب ، انطلقا في ثلاثين من اليهود إلى مكة بعد قتال أحد ، فقال أبو سفيان بن حرب : إن أحب الناس إلينا من يعيننا على قتال هذا الرجل ، حتى نفنى أو يفنوا ، فنزل كعب على أبي سفيان ، فأحسن مثواه ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فقال كعب لأبي سفيان : ليجيء منكم ثلاثون رجلا ، ومنا ثلاثون رجلا ، فنلصق أكبادنا بالكعبة ، فنعاهد رب هذا البيت ، لنجتهدن على قتال محمد ، ففعلوا ذلك .

قال أبو سفيان لكعب بن الأشرف : أنت امرؤ من أهل الكتاب تقرأ الكتاب ، فنحن أهدى أم ما عليه محمد ؟ فقال : إلى ما يدعوكم محمد ؟ قال : إلى أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، قال : فأخبروني ما أمركم ؟ وهو يعلم ما أمرهم ، قالوا : ننحر الكوماء ، ونقرى الضيف ، ونفك العاني ، يعني الأسير ، ونسقى الحجيج الماء ، ونعمر بيت ربنا ، ونصل أرحامنا ، ونعبد إلهنا ونحن أهل الحرم ، فقال كعب : أنت والله أهدى مما عليه محمد ، فأنزل الله عز وجل : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } ، يقول : أعطوا حظا من التوراة ، { يؤمنون بالجبت } ، يعني حيى بن أخطب القرظي ، { والطاغوت } ، وكعب بن الأشرف ، { ويقولون للذين كفروا } من أهل مكة { هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا } ، يعني طريقا .