السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت } وهما صنمان بمكة لقريش وذلك أنّ كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه ، ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة : إنكم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب ، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ، ففعلوا فهذا إيمانهم بالجبت والطاغوت ؛ لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا ، ثم قال أبو سفيان لكعب : إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أمّيون لا نعلم فأينا أهدى طريقاً نحن أم محمد ؟ قال كعب : اعرضوا عليّ دينكم فقال أبو سفيان : نحن ولاة البيت نسقي الحجاج الماء ، ونقري الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ودين محمد الحديث ، فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما عليه محمد فأنزل الله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً } أي : حظاً من الكتاب وهم كعب بن الأشرف وأصحابه يؤمنون بالجبت والطاغوت إي الصنمين { ويقولون للذين كفروا } وهم أبو سفيان وأصحابه { هؤلاء } أي : أنتم { أهدى من الذين آمنوا } وهم محمد وأصحابه { سبيلاً } أي : أقوم ديناً وأرشد طريقاً .

تنبيه : في { هؤلاء أهدى } همزتان من كلمتين الأولى مكسورة والثانية مفتوحة ، قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بإبدال الثانية ياء خالصة ، والباقون بالتحقيق .