الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يُؤْمِنُونَ بالجبت والطاغوت }[ النساء :51 ] .

أجْمَعَ المتأوِّلون أنَّ المراد بها طائفةٌ من اليهود ، والقَصَصُ يبيِّن ذلك ، ومجموعُ ما ذكره المفسِّرون في تَفْسير الجِبْتِ والطَّاغُوتِ يقتضي أنَّهُ كُلُّ مَا عُبِدَ وأُطِيعَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تعالى .

وقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية ، سببها أنَّ قريشاً قالَتْ لِكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ ، حين وَرَدَ مكَّة : أنْتَ سَيِّدُنَا ، وَسيِّدُ قَوْمِكَ ، إنَّا قومٌ نَنْحَرُ الكَوْمَاءَ ، وَنَقْرِي الضَّيْفَ ، وَنَصِلُ الرَّحِمَ ، وَنَسْقِي الحَجِيجَ ، وَنَعْبُدُ آلِهَتَنَا الَّتِي وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا ، وهَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ قَطَعَ الرَّحِمَ ، فَمَنْ أهدى نَحْنُ أوْ هُوَ ؟ فَقَالَ كَعْبٌ : أَنْتُمْ أهدى مِنْهُ ، وَأَقْوَمُ دِيناً ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ ، قاله ابنُ عبَّاسٍ ، فالضمير في ( يَقُولُونَ ) عائد على كعْبٍ ، وعلى الجماعةِ الَّتي معه من اليهودِ المُحَرِّضين على قتَالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ( والَّذِينَ كَفَرُوا ) في هذه الآيةِ هم كفَّار قريشٍ ، والإشارة بهؤلاء إليهم ( والَّذِين آمنوا ) هم النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأمته ، وقالتْ فرقة : بل المرادُ حُيَيُّ بنُ أَخْطَبَ وأتباعه ، وهم المقصودُ من أول الآيات .

قال ( ص ) : ( لِلَّذِينَ ) : اللامُ للتبليغِ متعلِّقة ب( يقولون ) ، انتهى .