تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

الآية 51

وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } قيل : أعطوا حظا من الكتاب ، وهم علماؤهم { يؤمنون بالجبت والطاغوت } اختلف فيه ؛ قيل الجبث الشيطان ، والطاغوت الكاهن ، وقيل : الجبث السحر ، والطاغوت الكاهن ، والطاغوت الشيطان . وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[5725]} قال : ( الجبت الشيطان بكلام الحبشة ، والطاغوت كهان العرب ) وقيل : الجبت الكاهن ، والطاغوت الشيطان . وقيل : الجبت حيي بن أخطب ، والطاغوت كعب بن الأشرف ؛ يخبر عز وجل عن سفههم {[5726]}بإيمانهم بهؤلاء وحسدهم محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ويحذر المؤمنين عن صنيعهم ؛ لأن هؤلاء كانوا علماءهم مؤمنين بالجبت والطاغوت { ويقولون للذين كفروا هؤلاء من الذين آمنوا سبيلا } .

قيل في القصة : إن هؤلاء أتوا مكة لحالفوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أجله ، ففعلوا ، فدخل أبو سفيان في مثل عدتهم ، فكانوا بين أستار الكعبة ، فتحالفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى أصحابه ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين : [ لتكن كلمتنا ]{[5727]}واحدة ، ولا نخذل بعضنا ، ففعلوا . ثم قال أبو سفيان : ويحكم يا معشر اليهود أينا أقرب إلى الهدى وإلى الحق ؟ أنحن أم محمد وأصحابه ؟ فإنا نعمر هذا المسجد ، ونحجب هذه الكعبة ، ونسقي الحجاج ، ونفادي الأسير ، أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه ؟ قالت اليهود : لا بل أنتم ، فذلك قوله تعالى : { ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا } .


[5725]:ساقطة من الأصل وم.
[5726]:من م، في الأصل: سفهم.
[5727]:في الأصل: لتكون كلمتنا، في م: لتكون كلمتنا.