بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

ثم قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيبًا مّنَ الكتاب } يعني أعطوا حظاً من علم التوراة { يُؤْمِنُونَ بالجبت والطاغوت } الجبت حيي بن أخطب ، والطاغوت كعب بن الأشرف . وقال القتبي : كل معبود من حجر أو صورة أو شيطان فهو جبت وطاغوت . قال : ويقال : الجبت : السحر ، والطاغوت : الشيطان . ويقال : في هذه السورة رجلان من اليهود ، وإيمانهم بهما تصديقاً لهما وطاعتهم إياهما .

ثم قال تعالى : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني لمشركي مكة { هَؤُلاء أهدى مِنَ الذين آمَنُواْ سَبِيلاً } وذلك أن رؤساء اليهود قدموا مكة بعد قتال أُحد ، ونقضوا العهد ، وبايعوا المشركين وقالوا : أنتم أهدى سبيلاً من المسلمين . حدّثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدّثنا الديبلي ، قال : حدّثنا أبو عبيد الله ، قال : حدّثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، قال : جاء كعب بن الأشرف وفي رواية أخرى عن عكرمة عن ابن عباس قال : جاء كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب إلى مكة ، فأتيا قريشاً فقالت لهما قريش أنتم أهل الكتاب وأهل العلم ، فأخبرونا عنا وعن محمد ، ديننا القديم ودين محمد الحديث ، ونحن نصل الرحم ، ونسقي الحجيج ، ونفك العناة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار ، فنحن أهدى أم هو ؟ قالا : بل أنتم أهدى سبيلاً منهم . فأنزل الله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيبًا مّنَ الكتاب } الآية إلى قوله { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أهدى مِنَ الذين آمَنُواْ سَبِيلاً } يعني أهدى ديناً من المهاجرين والأنصار .