الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا} (51)

قوله تعالى : { يُؤْمِنُونَ } : فيه وجهان ، أحدُهما : انه حالٌ : إمَّا من " الذين " ، وإمَّا من واو " أُوتوا " . و " بالجِبْتِ " متعلق به ، " ويقولون " عطفٌ عليه ، و " للذين " متعلِّقٌ ب " يقولون " واللام : إمَّا للتبليغ وإمَّا للعلِة كنظائرِها . " وهؤلاء أَهْدَى " مبتدأٌ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ بالقول . و " سبيلاً " تمييزٌ . والثاني : أنَّ " يؤمنون " مستأنف ، وكأنه تعجَّبَ مِنْ حالِهم ، إذ كان ينبغي لِمَنْ أُوتي نصيباً من الكتاب ألاَّ يفعلَ شيئاً مِمَّا ذُكِر فيكونُ جواباً لسؤالٍ مقدر ، كأنه قيل : ألا تعجَبُ من حالِ الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ؟ فقيل : وما حالُهم ؟ فقال : يؤمنون ويقولون ، وهذان منافيان لحالِهم .

والجِبْتُ : هو الجِبْسُ بالسينِ المهملةِ ، أُبْدِلَتْ تاءً ، كالنات والأكيات وست في : الناس والأكياس وسِدْس ، قال :

1594 . . . . . . . . . . . *** شرارُ الناتِ ليسوا بأجوادٍ ولا أَكْياتِ

والجِبْس : هو الذي لاخيرَ عنده ، يُقال : رجلٌ جِبْسٌ وجِبْتٌ أي : رَذْل ، قيل : وإنَّما ادَّعَى قلبَ السينِ تاءً لأنَّ مادة جَ بَ تَ مهملةٌ ، وهذا قولُ قطرب ، وغيره يجعلُها مادةً مستقلة ، وقيل : الجِبْت : الساحر بلغةِ الحبشة ، ويُطلق الجبتُ على كل ما عُبِد مِنْ دونِ الله ، ولدلك سَمَّوا به صنماً بعينِه . والطاغوتُ تقدَّم تفسيرُه وتصريفُه .