غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ يَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ فَمِنۡهُمۡ شَقِيّٞ وَسَعِيدٞ} (105)

103

ثم ذكر بعض أهوال ذلك اليوم فقال :{ يوم يأت } حذف الياء والاكتفاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل ، وفاعل { يأتي } قيل : الله كقوله : { أو يأتي ربك } [ الأنعام :158 ] أي أمره أو حكمه دليله قراءة من قرأ { وما يؤخره } بالياء وقوله : { بإذنه } . وقيل : المراد الشيء المهيب الهائل المستعظم فحذف ذكره بتعيينه ليكون أقوى في التخويف . وقيل : فاعله ضمير اليوم والمراد إتيان هوله وشدائده كيلا يصير اليوم ظرفاً لإتيان اليوم . وانتصاب { يوم } ب { لا تكلم } أو باذكر مضمراً أو بالانتهاء المقدر أي ينتهي الأجل يوم يأتي وتاء التأنيث محذوفة من لا تكلم ، والآيات الدالة على التكلم في ذلك اليوم مع الآيات الدالة على نفي التكلم كقوله تعالى : { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } { النحل :111 ] وكقوله : { هذا يوم لا ينطقون } { المرسلات :35 ] محمولة على اختلاف المواطن والأزمنة ، أو نفى العذر الصحيح المقبول وأثبت العذر الباطل الكاذب . ثم قسم أهل الموقف المجموعتين للحساب أو الأفراد العامة التي دلت عليها نفس فقال : { فمنهم شقي وسعيد } أي ومنه سعيد . ولا خلاف في أن الشقاء والسعادة مقترنان بالعمل الفاسد والعمل الصالح ويترتب عليهما الجنة والنار في الآخرة ، وإنما النزاع في أن العمل سبب للشقاء مثلاً كما هو مذهب المعتزلة ، أو الشقاء سبب العمل كما هو مذهب أهل السنة ، فيختلف تفسير الشقاء بحسب المذهبين فهو عند المعتزلة الحكم بوجوب النار له لإساءته ، وعند السني جريان القلم عليه في الأزل بأنه من أهل النار وأنه يعمل عمل أهل النار والتحقيق في المسألة قد مر مراراً . قيل : قد بقي ههنا قسم آخر ليسوا من أهل النار ولا من أهل الجنة كالمجانين والأطفال فهم أصحاب الأعراف ، وتخصيص القسمين بالذكر لا يدل على نفي الثالث .

/خ123