النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَوۡمَ يَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ فَمِنۡهُمۡ شَقِيّٞ وَسَعِيدٞ} (105)

قوله عز وجل : { يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه } فيه ثلاث تأويلات :

أحدها : لا تشفع إلا بإذنه .

الثاني : لا تتكلم إلا بالمأذون فيه من حسن الكلام لأنهم ملجؤون إلى ترك القبيح .

الثالث : أن لهم في القيامة وقت يمنعون فيه من الكلام إلا بإذنه .

{ فمنهم شقيٌ وسعيد } فيه وجهان :

أحدهما : محروم ومرزوق ، قاله ابن بحر .

الثاني : معذب ومكرم ، قال لبيد .

فمنهم سعيد آخذٌ بنصيبه *** ومنهم شقي بالمعيشة قانعُ

ثم في الشقاء والسعادة قولان : أحدهما : أن الله تعالى جعل ذلك جزاء على عملهما فأسعد المطيع وأشقى العاصي ، قاله ابن بحر .

الثاني : أن الله ابتدأهما بالشقاوة والسعادة من غير جزاء . وروى عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال : لما نزلت { فمنهم شقي وسعيد } قلت : يا رسول الله فعلام نعمل ؟ أعلى شيء قد فرغ منه أم على ما لم يفرغ منه ؟ فقال : " بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر ، وجرت به الأقلام ولكن كل شيء ميسور لما خلق له{[1398]} " .


[1398]:رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه.