الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ يَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ فَمِنۡهُمۡ شَقِيّٞ وَسَعِيدٞ} (105)

ثم قال تعالى : { لا تكلم نفس إلا بإذنه يوم تاب }[ 105 ] : أي : يوم تقوم الساعة ما تكلم نفس إلا بإذن الله{[33165]} ، وهو مثل قوله : { هذا يوم لا ينطقون }{[33166]} . وقد قال في موضع آخر : { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون }{[33167]} ، وقال : { يوم يات{[33168]} كل نفس تجادل عن نفسها }{[33169]} ، وقال : { وقفوهم إنهم مسئولون }{[33170]} ، وقال :

{ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان }{[33171]} . وهذه الآيات يسأل عنها أهل الإلحاد{[33172]} . فالجواب عن ذلك : أنه تعالى قد أحصى الأعمال ، وعَلِمَها قبل أن تكون ، فلا حاجة ( له ){[33173]} إلى سؤال أحد عن{[33174]} ذنبه ، ( ليعلم ){[33175]} ما عنده{[33176]} . فأما قوله : ( إنهم مسئولون ) فإنما هو{[33177]} سؤال توبيخ ، وتقرير ، لا سؤال استخبار{[33178]} .

وقوله : { لا ينطقون } بحجة تجب لهم ، وإنما يتكلمون بذنوبهم ، ويلوم بعضهم بعضا بعد أن ينطلق لهم الكلام ، فكلامهم بإذنه تعالى في لوم{[33179]} بعضهم بعضا ، لا في حجة{[33180]} يقيمونها لأنفسهم .

{ فمنهم شقي وسعيد }[ 105 ] : أي : فمن هذه النفوس التي لا تتكلم إلا بإذن الله ، سبحانه ، شقي وسعيد .

وذكر ابن الأنباري أنه قد قيل : إن الضمير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، خاصة : أي : فمن هذه الأمة يا محمد شقي ، وسعيد


[33165]:انظر المصدر السابق.
[33166]:المرسلات: 35.
[33167]:الصافات: 50.
[33168]:ق: يأتي.
[33169]:النحل: 111.
[33170]:الصافات: 24.
[33171]:الرحمن: 38. وانظر هذا التوجيه في: الجامع 9/65.
[33172]:وهو قول الزجاج في: معانيه 77/78. وانظر: الجامع 9/65.
[33173]:ساقط من ط.
[33174]:ق: من.
[33175]:ساقطة من ق.
[33176]:وهو تفسير الزجاج في معانيه 3/78.
[33177]:ق: هم.
[33178]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/479.
[33179]:ق: فيلوم..
[33180]:ق: بحة.