غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (120)

101

ولما بالغ في إبطال مذاهب المشركين وفي الجواب عن شبههم ومطاعنهم ، وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم رئيس الموحدين ، وقدوة أكابر النبيين ذكره الله تعالى في آخر هذه السورة قائلاً : { إن إبراهيم كان أمة } ، أي : هو وحده أمة من الأمم ؛ لكماله في جميع صفات الخير :

ليس على الله بمستنكر*** أن يجمع العالم في واحد

وعن مجاهد : كان مؤمناً وحده والناس كلهم كفار فلهذا قيل : إنه أمة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زيد بن عمرو بن نفيل : يبعثه الله أمة وحده . وعن شهر بن حوشب : لم يكن زمن إلا وفيه أربعة عشر يدفع بهم الله عن أهل الأرض إلا زمن إبراهيم فإنه وحده . وقيل : أمة بمعنى مأموم ، أي : يؤمه الناس ليأخذوا منه أفعال الخير ، أو بمعنى مؤتم به كقوله : { إني جاعلك للناس إماماً } [ البقرة : 124 ] ، وقيل : إنه من باب إطلاق المسبب على السبب ؛ لأنه حصل لأمته الامتياز عمن سواهم ، { قانتاً لله } ، قائماً بما يأمره الله . وعن ابن عباس : مطيعاً لله ، { حنيفاً } ، مائلاً إلى ملة الإسلام ميلاً لا يزول عنه . وقال ابن عباس : المراد أنه أول من اختتن وأقام مناسك الحج وضحى . { ولم يك من المشركين } قط لا في الصغر ولا في الكبر .

/خ128